ويحتمل أن يكون الفعل مرفوعاً، أخبر الله تعالى أنه يعفو عن كثير من السَّيِّئات.
وقرأ بعض أهل المدينة بالنصب بإضمار « أنْ » بعد الواو كنصبه في قول النابعة : شعراً :
٤٣٨٥ فَإنْ يَهْلِكْ أَبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ | رَبِيعُ النَّاسِ والبَلَدُ الحَرَامُ |
وَنَأْخُذُ بَعْدَهُ بذنابِ عَيْشٍ | أَجَبَّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ |
قوله تعالى :﴿ وَيَعْلَمَ الذين يُجَادِلُونَ في آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ ﴾ قرأ نافع وابن عامر برفعه والباقون بنصبه. وقرىء : بجزمه أيضاً. فأما الرفع فواضح جداً، وهو يحتمل وجهين : الاستنئاف بجملة اسمية، فتقدر الفعل مبتدأ أي وهو يعلم الذين و « الذين » على الأول فاعل، وعلى الثاني مفعول. وأما قراءة النصب ففيها أوجه :«
أحدها : قال الزجاج : على الصرف قال : ومعنى الصرف صرف العطف عن اللفظ إلى العطف على المعنى قال : وذلك أنه لم يحسن عطف » ويعلم « مجزوماً على ما قبله؛ إذ يكون المعنى إن يشأ يعلم عدل إلى العطف على مصدر الفعل الذي قبله، ولا يتأتى ذلك إلا بإضمار » أن « ليكون من الفعل في تأويل اسم. وقال البغوي : قرىء بالنصب على الصَّرف والجزم إذا صرف عنه معطوفه نصب كقوله :﴿ وَيَعْلَمَ الصابرين ﴾ [ آل عمران : ١٤٢ ] نقل من حال الجزم إلى النصب استخفافاً وكراهية توالي الجزم.
الثاني : قول الكوفيون : إنه منصوب بواو الصرف يعنون أن الواو نفسها هي الناصبة، لا بإضمار » أنْ « وتقدم معنى الصَّرف.
الثالث : قال الفارسي ونقله الزمخشري عن الزجاج إن النصب على إضمار » إنْ « ؛ لأن قبلها جزاءً تقول : ما تصنع أصنع، وأكرمك وإن شئت : وأكرمك على : وأنا أكرمك، وإن شئت : وأكرمك جزماً.
قال الزمخشري : وفيه نظر؛ لما أورده سيبويه في كتابه قال : واعلم أنَّ النَّصب بالواو والفاء في قوله : إن تَأْتِنِي آتِكَ، وأُعطِيكَ ضعيفٌ، وهو نحو من قوله :
٤٣٨٦...................... | وَأَلْحَقَ بِالحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا |