فصل


من قرأ المُحْتَظَر - بفتح الظاء - أراد الحظيرة، ومن قرأ بالكسر أراد صاحب الحظيرة. ونقل القرطبي عن صاحب الصِّحَاح، قال : من كسر جعله الفاعل، ومن فتح جعله المفعول، ويقال للرجل القليل الخير : إنَّه لَنَكِدُ الحَظِيرَةِ. قال أبو عبيدة : أراه سمى أمواله حظيرة، لأنه حظرها عنده ومنعها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة. وقال المَهْدَوِيُّ : من فتح الظاء من المُحْتَظَر فهو مصدر، والمعنى كهشيم الاحتظار. ويجوز أن يكون المحتظر هو الشجر المتخذ منه الحظيرة، قال ابن عباس ( - رضي الله عنهما - ) : المحتظر هو الرجل يجعل لغنمه حظيرةً بالشجر والشوك فما سقط من ذلك وداسته الغَنَم فَهُوَ الهَشِيمُ قال :
٤٦٠٦- أَثَرْنَ عَجَاجَةً كَدُخَانِ نَارٍ تَشِبُّ بِغَرْقَدٍ بَالٍ هَشِيمِ
وعنه : الحشيش تأكله الغنم، وعنه أيضاً : كالعظام النَّخِرة المحترقة. وهو قول قتادة. وقال سعيد بن جبير : هو الترابُ المتناثر من الحِيطَان في يوم ريح. وقال سفيان الثوري : هو ما تناثر من الحظيرة إذا ضَرَبْتَهَا بالعصا، وهو فَعِيلٌ من مَفْعُولٍ. وقال ابن زيد : العرب تسمي كل شيء كان رطباً فيَبِسَ هشيماً والحَظْر المنع. والمُحَتَظرُ المُفْتَعَلُ يقال منه : احْتَظَرَ على إِبِلِهِ، وحظر أي جمع الشجر بعضَه على بعض ليمنع برد الريح والسِّباع عن إبله، قال الشاعر :
٤٦٠٧- تَرَى جِيفَ المَطِيِّ بِجَانِبَيْهِ كَأَنَّ عِظَامَهَا خَشَبُ الْهَشِيمِ
وعن ابن عباس - ( رضي الله عنهما - ) أيضاً : أنهم كانوا مثل القمح الذي دِيسَ وهُشِمَ -. ( والهشيم :) فُتَات السُّنْبُلَةِ والتِّبْن.
روى أَبُو الزُّبَيْرِ عن جابر قال :« لما نزلنا الحِجْر في مَغْزَى رسول الله - ﷺ - تبوك، قال : أيها الناس لا تسألوني الآياتِ، هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث لهم ناقةً، فبعث الله عزّ وجلّ إليهم الناقةَ وكانت ترد من ذلك الفجّ فتشرب ماءهم يوم ورْدِها ويحلبون منها مثل الذي كانوا يشربون منها يوم غِبِّها ».


الصفحة التالية
Icon