قوله :﴿ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ القيامة ﴾ أي : يحاسب على ذلك، ويجازي عليه.
﴿ إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ وهذا تحذير من المعاصي، وترغيب في الطاعات.
قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نُهُواْ عَنِ النجوى ﴾ الآية.
قيل : هم اليهود.
وقيل : هم المنافقون.
وقيل : فريق من الكفار.
وقيل : فريق من المسلمين، لما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال :« كنا ذات ليلةٍ نتحدَّث إذ خرج علينا رسول الله ﷺ فقال :» مَا هَذِهِ النَّجْوَى «؟ فقلنا : تُبْنَا إلى الله يا رسول الله ﷺ إنا كُنَّا في ذكر المسيخ، يعني : الدجال فرقاً منه، فقال رسول الله ﷺ :» ألا أخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أخْوَفُ عِنْدِي مِنْهُ؟ « قلنا : بلى، يا رسول الله ﷺ، قال :» الشِّرْكُ الخَفِيُّ أن يَقُومَ الرَّجلُ يعْمَلُ لمكانِ رَجُل « ذكره الماوردي.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم، وينظرون للمؤمنين، ويتغامزون بأعينهم، فقال المؤمنون : لعلهم بلغهم عن إخواننا وقرابتنا من المهاجرين والأنصار قتل، أو مصيبة، أو هزيمة؛ ويسوؤهم ذلك، وكثرت شكواهم إلى رسول الله ﷺ فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا، فنزلت الآية.
وقال مقاتل : كان بين النبي ﷺ وبين اليهود موادعة، فإذا مرَّ بهم رجل من المؤمنين تناجوا بينهم حتى يظنّ المؤمن شرًّا، فيعرج عن طريقه فنهاهم الله - سبحانه - فلم ينتهوا فنزلت.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان الرجل يأتي النبي ﷺ فيسأله الحاجة ويناجيه، والأرض يومئذ خرب فيتوهّموا أنه يناجيه في حرب أو بليَّة أو أمر فيفزعون لذلك فنزلت.
قال ابن الخطيب رحمه الله : والأولى أن تكون نزلت في اليهود؛ لأنه - تعالى - حكى عنهم، فقال :﴿ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ الله ﴾ وهذا إنما وقع من اليهود، كانوا إذا سلموا على الرسول ﷺ قالوا : السَّامُ عليكم، يعنون الموت.
قوله :﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ أي : يرجعون إلى المُناجاة التي نهوا عنها.
قوله :» ويَتَنَاجَوْنَ «. قرأ حمزة :» وينْتَجُون « بغير ألف من » الانتجاء « من » النجوى « على وزن » يَفْتَعلُون «.
والباقون :» ويتناجون « من » التَّناجي « من » النجوى « أيضاً.
قال أبو علي : والافتعال، والتفاعل يجريان مجرى واحداً، ومن ثمَّ صححوا » ازْدَوجُوا واعتورُوا « لما كانا في معنى تزاوجوا وتعاوروا، وجاء