فصل في رد السَّلام على أهل الذمة
اختلفوا في ردّ السَّلام على أهل الذِّمة، فقال ابن عباس والشعبي وقتادة : هو واجب لظاهر الأمْرِ بذلك.
وقال مالك رضي الله عنه : ليس بواجب، فإن رددت فقل : عليك.
وقال بعضهم : نقول في الرد : علاك السَّلام، أي : ارتفع عنك.
وقال بعض المالكية : تقول في الرد : السلام عليك - بكسر السين - يعني الحجارة.
قوله تعالى :﴿ وَيَقُولُونَ في أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ﴾.
هذه الجملة التحضيضية في موضع نصب بالقول، ومعنى الآية : أن اليهود - لعنهم الله - لما كانوا يقولون : السام عليك، ويوهمون أنهم يسلمون، وكان النبي ﷺ يرد عليهم بقوله :« عليكم » فإذا خرجوا قالوا :« لولا يعذبنا الله » أي : هلا يعذبنا بما نقول، أي : لو كان نبيًّا لعذبنا الله بما نقول.
وقيل : قالوا : إنه يرد علينا، ويقول : وعليكم السَّام، فلو كان نبيًّا لاستجيب له فينا ومتنا، وهذا موضع تعجب منهم، فإنهم كانوا أهل الكتاب، وكانوا يعلمون أنَّ الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - قد يغضبون، فلا يعاجل من يغضبهم بالعذاب.
قوله :﴿ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ أي : كافيهم جهنم عقاباً غداً ﴿ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المصير ﴾.
قوله تعالى :﴿ ياأيها الذين آمنوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بالإثم والعدوان ﴾.
أي : كفعل المنافقين واليهود.
قال مقاتل : أراد بقوله :« آمنوا » المنافقين آمنوا بلسانهم.
وقال عطاء : يريد الذين آمنوا بزعمهم قال لهم : لا تتناجوا بالإثم والعدوان، ومعصية الرسول ﷺ.
وقيل : يا أيها الذين آمنوا بموسى صلوات الله وسلامه عليه.
قوله :﴿ وَتَنَاجَوْاْ بالبر والتقوى ﴾ والمراد بالبر : الطاعة، وبالتقوى : العفاف عما نهى الله عنه.
﴿ واتقوا الله الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [ أي ] : تجمعون في الآخرة.