قوله تعالى :﴿ لِلْفُقَرَآءِ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه بدل من « لِذي القُربى ». قاله أبو البقاء والزمخشري.
قال أبو البقاء :« قيل : هو بدل من » لذي القُرْبى « وما بعده ».
[ وقال الزمخشري : بدل من « لذي القُرْبى » وما عطف عليه ]، والذي منع الإبدال من « لله وللرسول » والمعطوف عليهما، وإن كان المعنى لرسول الله ﷺ أن الله - تعالى - أخرج رسوله ﷺ من الفقراءِ في قوله :﴿ وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ ﴾ وأن الله - تعالى - يترفع برسوله ﷺ عن تسميته بالفقيرِ، وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله تعالى.
يعني أنه لو قيل : بأنه بدل من « الله ورسوله » ﷺ وهو قبيح لفظاً، وإن كان المعنى على خلاف هذا الظاهر كما قيل : إن معناه لرسول الله ﷺ وإنما ذكر الله - تعالى - تفخيماً، وإلا فالله - تعالى - غني عن الفيء وغيره، وإنما جعله بدلاً من « لذي القُربى »؛ لأنه حنفي، والحنفية يشترطون الفقر في إعطاء ذوي القربى من الفيءِ.
الثاني : أنه بيان لقوله تعالى :﴿ والمساكين وابن السبيل ﴾ [ الحشر : ٧ ]، وكررت لام الجر لما كانت الأولى مجرورة ب « اللام » ليبين أنَّ البدل إنما هو منها. قاله ابن عطية.
وهي عبارة قلقةٌ جداً.
الثالث : أن « للفقراء » خبر لمبتدأ محذوف، أي : ولكن الفيء للفقراء.
وقيل : تقديره : ولكن يكون للفقراء، وقيل : اعجبوا للفقراء.
قوله « يبتغون » يجوز أن يكون حالاً، وفي صاحبها وجهان :
أحدهما : للفقراء.
والثاني :« واو » أخرجوا. قالهما مكي.
فصل في معنى الآية
ومعنى الآية أن الفيء والغنائم للفقراء والمهاجرين.
وقيل :﴿ كي لا يكون دولة بين الأغنياء ﴾ ولكن يكون « للفقراء » وهو مبني على الإعراب المتقدم، وعلى القول بأنه بيان لذوي القربى، « واليتامى والمساكين » أي : المال لهؤلاء؛ لأنهم فقراء ومهاجرون، وقد أخرجوا من ديارهم فهم أحق الناس به.
وقيل :﴿ ولكن الله يُسَلِّطُ رُسُلَهُ على مَن يَشَآءُ ﴾ [ الحشر : ٦ ] للفقراء المهاجرين كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء مهاجرين من بني الدنيا.
وقيل : والله شديدُ العقاب للفقراء المهاجرين، أي : شديد العقاب للكافر بسبب الفقراء المهاجرين ومن أجلهم، ودخل في هؤلاء الفقراء المتقدم ذكرهم في قوله تعالى :﴿ وَلِذِي القربى واليتامى ﴾ [ الحشر : ٧ ].
قال القرطبي :« وقيل : هو عطف على ما مضى، ولم يأت بواو العطف كقولك : هذا المال لزيد لبكر لفلان.
و » المهاجرون « : من هاجر إلى النبي ﷺ حبًّا فيه ونُصرةً له ».