قوله :﴿ إِن يَثْقَفُوكُمْ ﴾ يلقونكم ويصادفونكم، ومنه المثاقفة، أي : طلب مصادفة [ الغرة ] في المسايفة وشبهها.
وقيل :« يثقفوكم » : يظفروا بكم ويتمكنوا منكم ﴿ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً ويبسطوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بالسواء ﴾ أي : بالضَّرب والشَّتم.
قوله :﴿ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾.
في « ودوا » وجهان :
أحدهما : أنه معطوفٌ على جواب الشرط، وهو قوله :« يَكُونُوا » و « يَبْسطُوا » قاله الزمخشري.
ثم رتب عليه سؤالاً وجواباً، فقال :« فإن قلت : كيف أورد جواب الشَّرط مضارعاً مثله، ثم قال :» ودوا « بلفظ الماضي؟.
قلت : الماضي وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب، فإن فيه نكتة، كأنه قيل : ودوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم، يعني أنهم يريدون أن يلحقوا مضار الدنيا والآخرة جميعاً »
.
والثاني : أنه معطوف على جملة الشَّرط والجزاء، ويكون تعالى قد أخبر بخبرين بما تضمنته الجملة الشرطية، وموادتهم كفر المؤمنين.
ورجح أبو حيان هذا، وأسقط به سؤال الزمخشري وجوابه، فقال :« وكأن الزمخشري فهم من قوله :» ووَدُّوا « أنه معطوف على جواب الشرط، والذي يظهر أنه ليس معطوفاً عليه؛ لأن ودادتهم كفرهم ليست مرتبة على الظفر بهم والتسليط عليهم، بل هم وادُّون كفرهم على كل حال سواء ظفروا بهم أم لم يظفروا » انتهى.
قال شهاب الدين :« والظَّاهر أنه عطف على الجواب، وقوله : هم وادُّون ذلك مطلقاً مسلم، لكن ودَادَتَهُم له عند الظَّفر والتسليط أقرب وأطمع لهم فيهم ».
وقوله :﴿ لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾.
يجوز أن يكون لما سيقع لوقوع، وأن تكون المصدرية عند من يرى ذلك.
وتقدم تحريرهما في البقرة.

فصل في معنى الآية


والمعنى : ودوا لو تكفرون بمحمد ﷺ فلا تناصحوهم، فإنهم لا يناصحونكم.


الصفحة التالية
Icon