وفي « صحيح البخاري » ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :« كنا جلوساً عند النبي ﷺ إذا نزلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ :﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ ﴾ قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه رسول الله ﷺ حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً قال : وفينا سلمان الفارسي قال : فوضع النبي ﷺ يده على سلمان ثم قال :» لَوْ كَانَ الإيمانُ عِندَ الثُّريَّا لناله رجالٌ مِنْ هؤلاءِ «، وفي رواية :» لَوْ كَانَ الدِّينُ عندَ الثُّريَّا لذهب بِهِ رجُلٌ من فارسَ، أو قال : مِنْ أبْناءِ فِارِسَ حتَّى يتناولهُ « لفظ مسلم.
وقال عكرمة : هم التابعون.
وقال مجاهد : هم الناس كلهم، يعني من بعد العرب الذين بعث فيهم محمد ﷺ.
وقاله ابن زيد ومقاتل بن حيان، قالا : هم من دخل الإسلام بعد النبي ﷺ إلى يوم القيامة.
قال سهل بن سعد الساعدي : إن النبي ﷺ قال :» « إنَّ في أصْلاب أمَّتِي رجالاً ونِساءً يدخُلونَ الجنَّة بغيرِ حسابٍ » ثم تلا :﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ ﴾ « والقول الأول أثبتُ.
» وروي عن النبي ﷺ قال :« رأيتُني أسْقِي غَنَماً سُوداً ثُمَّ أتبعتُهَا غَنَماً عُفْراً أوِّلْها يَا أبا بَكْر »، قال : يا نبِيَّ الله، أما السُّودُ فالعربُ، وأمَّا العُفْرُ فالعجمُ تتبعُك بعد العربِ، فقال النبي ﷺ :« كَذِلكَ أوَّلها الملك يا أبا بكر » « يعني : جبريل عليه السلام، رواه ابن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي ﷺ وهو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
قوله تعالى :﴿ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾.
قال ابن عباس : حيث ألحق العجم بقريش.
وقيل : يعني : الإسلام فضل الله يؤتيه من يشاء. قاله الكلبي.
وقال مقاتل : يعني الوحي والنبوة.
وقيل : إنه المال ينفق في الطاعة، لما روى أبو صالح عن أبي هريرة :» أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله ﷺ، فقالوا : ذهب أهل الدُّثُور بالدَّرجات العلى والنعيم المقيم، فقال :« ومَا ذَاكَ »، فقالوا : يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله ﷺ :« أفَلاَ أعلِّمُكُمْ شَيْئاً تُدْركُونَ بِهِ من سَبَقكُمْ وتَسبقُونَ من بَعْدكُمْ ولا يكُونُ أحَدٌ أفضل مِنكُمْ إلاَّ من صَنَعَ مِثْلَ ما صَنَعْتُمْ » قالوا بلى يا رسول الله، قال :« تُسَبِّحُونَ وتُكبِّرُونَ وتحْمدُونَ دُبر كُلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثينَ مرَّةً »، قال أبو صالح : فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله ﷺ فقالوا : سمع إخواننا من أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله ﷺ ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾ «
وقيل : إنه انقياد الناس إلى تصديق النبي ﷺ ودخولهم في دينه ونصرته.