﴿ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيراً فالله أولى بِهِمَا ﴾ [ النساء : ١٣٥ ] كما تقدم في موضعه.
وإنما الجواب عنه : أنه وحَّد الضمير؛ لأن العطف ب « أو »، وإنما جيء بضمير التجارة دون ضمير اللهو، وإن كان جائزاً للأهتمام كما قاله ابن عطية وغيره.
وقال الزمخشري قريباً من ذلك فإنه قال : فإن قلت : كيف قال : إليها، وقد ذكر شيئين؟ فالجواب : تقديره : إذا رأوا تجارة انفضوا إليها أو لهواً انفضوا إليه، فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه، وكذلك قراءة من قرأ : انفضوا إليه. انتهى.
فقوله :« قلت : تقديره » إلى آخره، يشعر بأنه كان حق الكلام أن يثنى الضمير ولكنه حذف، وفيه ما تقدم من المانع من ذلك أمر صناعي وهو العطف ب « أو ».
وقرأ ابن أبي عبلة :« إلَيْهِ ».
أعاد الضمير إلى اللهو، وقد نصَّ على جواز ذلك الأخفش سماعاً من العرب، نحو : إذا جاءك زيد أو هند فأكرمه، وإن شئت فأكرمها.
وقرأ بعضهم :« إليْهِمَا » بالتثنية.
وتخريجها كتخريج :« إن يَكُنْ غَنِيًّا أو فَقِيراً فالله أولى بهما » كما تقدم تحريره.
والمراد باللهو الطبل.
وقيل : كانت العير إذا قدمت « المدينة » استقبلوها بالتصفيق والصفير.
قوله :« وتَركُوكَ ».
جملة حالية من فاعل « انفضَّوا » و « قد » مقدرة عند بعضهم.
فصل في أن الخطبة فريضة في صلاة الجمعة.
الخطبة فريضة في صلاة الجمعة، ويجب أن يخطب قائماً فإن هذه الآية تدل على أن القيام شرط، ويخطب متوكئاً على قوس أو عصا، لما روى ابن ماجه في سننه « أن النبي ﷺ كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس، وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا ».
وأن يخطب على منبر؛ لأنه أبلغ في إعلام الحاضرين، ويسلم إذا صعد المنبر على الناس. لما روى ابن ماجه عن جابر بن عبد الله :« أن النبي ﷺ كان إذا صعد المنبر سلم ».
ولم ير ذلك مالك.
وهل تشترط الطهارة في الخطبة؟
فيه قولان مبنيان على أن الجمعة ظهر مقصورة، أو فريضة مستقلة.
فإن قيل : بأنها ظهر مقصورة.
فقيل : الخطبتان عوض عن الركعتين الأخريين، وعلى هذا فيشترط لهما الطهارة.
وإن قيل : بأنها فريضة مستقلة فالخطبتان وعظ وتذكير، وذلك لا يشترط لها طهارة، وأقل ما يجزىء في الخطبة أن يحمد الله - تعالى - ويصلي على نبيه ﷺ ويوصي بتقوى الله، ويقرأ آية من القرآن، وكذلك في الخطبة الثانية إلا أن الواجب بدلاً من قراءة الآية الدعاء في قول أكثر الفقهاء.
وقال أبو حنيفة : لو اقتصر على التحميد، أو التسبيح، أو التكبير أجزأه.
وقال أبو يوسف ومحمد : الواجب ما تناوله اسم الخطبة.