فصل فيمن أوجب الإشهاد في الرجعة


أوجب الإشهاد في الرجعة الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، والشافعي كذلك لظاهر الأمر.
وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد والشافعي في القول الآخر : إنَّ الرجعة لا تفتقر إلى القبول فلم تفتقر إلى الإشهاد كسائر الحقوق، وخصوصاً حل الظهار بالكفارة.

فصل


إذا ادّعى بعد انقضاء العدة أنه راجع امرأته في العدة، فإن صدقته جاز، وإن أنكرت حلفت، فإن أقام بينةً أنه ارتجعها في العدة، ولم تعلم بذلك لم يضرّه جهلها، وكانت زوجته وإن كانت قد تزوجت ولم يدخل بها، ثم أقام الأول البيّنة على رجعتها، فعن مالك - رحمه الله - في ذلك روايتان :
إحداهما : أن الأول أحق بها.
والأخرى : أن الثاني أحق بها، فإن كان الثاني قد دخل بها فلا سبيل للأول إليها.
قوله :﴿ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ ﴾.
قال الحسنُ : من المسلمين.
وعن قتادة : من أحراركم، وذلك يوجب اختصاص الشهادة على الرجعة بالذكور دون الإناث؛ لأن « ذَوَيْ » للمذكر.
قال القرطبي :« ولذلك قال علماؤنا : ولا مدخل للنساء فيما عدا الأموال ».
قوله :﴿ وَأَقِيمُواْ الشهادة لِلَّهِ ﴾ كما تقدم في « البقرة ».
أي : تقرباً إلى الله في إقامة الشهادة على وجهها إذا مست الحاجة إليها من غير تبديل ولا تغيير.
قوله :﴿ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ ﴾ أي : يرضى به ﴿ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر ﴾ فأما غير المؤمن فلا ينتفع بهذه المواعظ.
قوله :﴿ وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ﴾.
قال الزمخشري :« قوله :﴿ وَمَن يَتَّقِ الله ﴾ جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من أمر الطلاق على السُّنَّة » كما مر.
روي أن النبي ﷺ سئل عمن طلق زوجته ثلاثاً أو ألفاً هل له من مخرج؟ [ فتلاها ].
وقال ابن عباس والشعبي والضحاك : هذا في الطلاق خاصة، أي : من طلق كما أمره الله يكن له مخرج في الرجعة في العدة، وأن يكون كأحد الخطاب بعد العدة.
وعن ابن عبَّاس أيضاً : يجعل له محرجاً ينجِّيه من كل كربٍ في الرجعة في الدنيا والآخرة.
وقيل : المخرج هو أن يقنعه الله بما رزقه. قاله علي بن صالح.
وقال الكلبي :﴿ وَمَن يَتَّقِ الله ﴾ بالصَّبر عند المصيبة ﴿ يجعل له مخرجاً ﴾ من النار إلى الجنة.
وقال الحسن : مخرجاً مما نهى الله عنه.
وقال أبو العالية : مخرجاً من كل شدة.
وقال الربيع بن خيثم : مخرجاً من كل شيء ضاق على الناس.
وقال الحسين بن الفضل :﴿ وَمَن يَتَّقِ الله ﴾ في أداء الفرائض ﴿ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ﴾ من العقوبة ﴿ وَيَرْزُقْهُ ﴾ الثواب ﴿ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ أن يبارك له فيما آتاه.


الصفحة التالية
Icon