وقال الكسائي :« ائتمروا » تشاوروا؛ وتلا قوله تعالى :﴿ إِنَّ الملأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ ﴾ [ القصص : ٢٠ ] وأنشد قول امرىء القيس :[ الطويل ]
٤٧٨٢ب -....................... | ويَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا يَأتَمِرْ |
فصل في هذا الخطاب
الخطاب في قوله :« وائتمروا » للأزواج والزوجات، أي : وليقبل بعضكم من بعض ما أمره به من المعروف الجميل، والجميل منه توفير الأجرة عليها للإرضاع.
وقيل : ائتمروا في إرضاع الولد فيما بينكم بمعروف حتى لا يلحق الولد إضرار.
وقيل : هو الكسوة والدثار.
وقيل : معناه لا تضار والدة بولدها، ولا مولود له بولده.
قوله :﴿ فَسَتُرْضِعُ ﴾.
قيل : هو خبر في معنى الأمر، والضمير في « له » للأب، لقوله تعالى :﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ ﴾ والمفعول محذوف للعلم به، أي : فسترضع الولد لوالده امرأة أخرى، والظَّاهر أنه خبر على بابه.
فصل في تفسير الآية
قوله :﴿ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ ﴾ في أجرة الرضاع فأبى الزوج أن يعطي الأم أجرة رضاعها، وأبت الأم أن ترضعه فليس له إكراهها وليستأجر غير أمه.
وقيل : معناه إن تضايقتكم وتشاكستم فليسترضع لولده غيرها.
وقال الضحاك : إن أبت الأم أن ترضع استأجر لولده أخرى، فإن لم يقبل أجبرت أمه على الرضاع بالأجْرة.
واختلفوا فيمن يجب عليه رضاع الولد.
فقال مالك : إرضاع الولد على الزوجة ما دامت الزوجية، إلا لشرفها وموضعها، فعلى الأب رضاعه يومئذ في ماله.
وقال أبو حنيفة : لا يجب على الأم بحال.
وقيل : يجب عليها بكل حال.
فإن طلقها فلا يجب عليها إرضاعه إلا أن لا يقبل ثدي غيرها فيلزمها حينئذ الإرضاع، فإن اختلفا في الأجرة، فإن دعت إلى أجرة المثل وامتنع الأب إلا تبرعاً فالأم أولى بأجر المثل إذا لم يجد الأب متبرعة، وإن دعا الأب إلى أجرِ المثل، وامتنعت الأم لتطلب شططاً، فالأب أولى به، فإن أعسر الأب بأجرتها أجبرت على رضاع ولدها.