قال ابن الأنباريُّ : ومن قرأ بلا استفهام لم يحسن أن يقف على « زَنيمٍ » لأن المعنى : لأن كان ذا مالٍ كان، ف « أنْ » متعلقة بما قبلها.
وقال غيره : يجوز أن يتعلق بقوله « مشَّاءٍ بنمِيمٍ »، والتقدير : يمشي بنميم، لأن كان ذا مال وبنين، وأجاز أبو علي أن يتعلق ب « عُتُلٍّ » ومعنى « أسَاطيرُ الأوَّليْنَ » أباطيلهم، وتُرهاتُهُم.
قوله :« سَنَسِمُهُ ». أي : نجعل له سمة، أي : علامة يعرف بها.
قال جرير :[ الكامل ]
٤٨١٨ - لمَّا وضَعْتُ عَلى الفَرَزْدَقِ مِيسَمِي | وعَلَى البَعيثِ جَدَعْتُ أنْفَ الأخْطَلِ |
٤٨١٩ - قَدْ أشْهَدَ الشَّرْبَ فِيهِمْ مِزْهَرٌ رَنِمٌ | والقَوْمُ تَصْرعُهُمْ صَهْبَاءُ خرْطُومُ |
٤٨٢٠ - تَظَلُّ يَومَكَ في لَهْوٍ وفِي طَرَبٍ | وأنْتَ باللَّيْلِ شَرَّابُ الخَراطِيمِ |
فصل في تفسير « سنسمه »
قال ابن عباس :« سَنَسِمُهُ » سنحطمه بالسَّيفِ، قال : وقد حطم الذي نزلت فيه يوم بدرِ بالسيف، فلم يزل محطوماً إلى أن مات.
وقال قتادةُ : سنسمهُ يوم القيامة على أنفه سِمَةً يعرفُ بها، يقال : وسمه وسماً وسمة إذا أثرت فيه بسمة وكيّ.
قال الضحاك : سنكويه على وجهه، وقد قال الله تعالى :﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ] فهي علامة ظاهرة، وقال تعالى :﴿ وَنَحْشُرُ المجرمين يَوْمِئِذٍ زُرْقاً ﴾ [ طه : ١٠٢ ] وهذه علامة أخرى ظاهرة. وأفادت هذه الآية علامة ثالثة، وهي الوسم على الأنف بالنار، وهذا كقوله :﴿ يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ ﴾ [ الرحمن : ٤١ ].
قاله الكلبي وغيره وقال أبو العالية ومجاهدٌ :﴿ سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم ﴾ أي على أنفه، ويسودُّ وجهه في الآخرة، فعرف بسواد وجهه.