وقال مقاتل : والآية التي قبلها في أخيه الأسود بن عبد الأسد في قول ابن عبَّاس والضحاك.
قال الثعلبي : ويكون هذا الرجل، وأخوه سبب نزول هذه الآيات، ويعم المعنى جميع أهل الشقاوةِ، والسعادة، بدليل قوله تعالى :﴿ كُلُواْ واشربوا ﴾.
وقيل : إنَّ المراد بذلك كل من كان متبوعاً في الخير والشر يدعو إليه، ويأمر به.
قوله :﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ ياليتني لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾ لما نظر في كتابه وتذكر قبائح أفعاله يخجل منها ويقول :﴿ ياليتني لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾ ثُم يتمنَّى الموت، ويقول :﴿ ياليتها كَانَتِ القاضية ﴾.
فالضَّميرُ في « لَيْتهَا » قيل : يعود إلى الموتةِ الأولى، وإن لم تكن مذكورة، إلا أنها لظهورها كانت كالمذكورة.
و « القَاضِيَة » : القاطعةُ من الحياة، قال تعالى :﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة ﴾ [ الجمعة : ١٠ ]، ويقال : قُضِيَ على فلان، إذا مات، والمعنى : يا ليتها الموتة التي كانت القاطعة لأمري، ولم أبْعَثْ بعدها، ولم ألقَ ما وصلت إليه.
قال قتادة : يتمنى الموت، ولم يكن في الدنيا عنده شيء أكره من الموت، وشرٌّ من الموت ما يطلب منه الموت؛ قال الشاعر :[ الطويل ]

٤٨٥٠ - وشَرٌّ مِنَ الموْتِ الذي إنْ لَقيتُهُ تَمَنَّيتُ مِنْهُ المَوْتَ، والمَوْتُ أعْظَمُ
وقيل : يعود إلى الحالة التي شاهدها عند مطالعة الكتاب، والمعنى : يا ليت هذه الحالة كانت الموتة التي قضت عليَّ.
قوله :﴿ مَآ أغنى عَنِّي ﴾، يجوزُ أن يكون نفياً، وأن يكون استفهام توبيخٍ لنفسه، أي : أيُّ شيءٍ أغنى عني ما كان لي من اليسار.
﴿ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ قال ابن عباس : هلكتْ عنِّي حُجَّتِي، والسلطانُ : الحجةُ التي كنتُ أحتجُّ بها، وهو قول مجاهدٍ وعكرمة والسُّدي والضَّحاك.
وقال مقاتل : ضلت عني حجّتي حين شهدت عليه الجوارح.
وقال ابن زيد : يعني مُلكي وتسلّطي على الناس، وبقيت ذليلاً فقيراً، وكان مُطاعاً في أصحابه.


الصفحة التالية
Icon