﴿ فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين ﴾ [ المائدة : ٣١ ] وقد صح أن الندم توبة.
وقوله تعالى :﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ وصح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة، وقوله تعالى :﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى ﴾ [ النجم : ٣٩ ] فما بال الإضعاف؟.
فقال الحسين : يجوز ألا يكون الندم توبة في تلك الأمة، ويكون توبة في هذه الأمة؛ لأن الله خصّ هذه الأمة بخصائص لم تشاركهم فيها الأمم.
وقيل : إن ندم « قابيل » لم يكن على قتل هابيل، ولكن على حمله.
وأما قوله تعالى :﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى ﴾ [ النجم : ٣٩ ]، فمعناه : ليس له إلاَّ ما سعى عدلاً، ولي أن أجزيه بواحدة ألفاً.
وأما قوله تعالى :﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ فإنها شُئُون يبديها ولا يبتديها، فقام عبد الله بن طاهر وقَبَّلَ رأسه، وسوغ خراجه.
قوله تعالى :﴿ سَنَفْرُغُ ﴾.
قرأ :« سيفرغ » - بالياء - الأخوان، أي سيفرغ الله تعالى. والباقون من السبعة : بنون العظمة، والرَّاء مضمومة في القراءتين، وهي اللغة الفصحى لغة « الحجاز ».
وقرأها مفتوحة الراء مع النون الأعرج، ويحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون من « فَرَغَ » بفتح الراء في الماضي، وفتحت في المضارع لأجل حرف الحَلْق.
والثاني : أنه سمع فيه « فَرِغَ » - بكسر العين - فيكون هذا مضارعه، وهذه لغة « تميم » وقرأ عيسى بن عمر وأبو السمال :« سَنِفْرَغُ » - بكسر حرف المضارعة وفتح الراء. وتوجيهها واضح مما تقدم في « الفاتحة ».
قال أبو حاتم : هذه لغة سفلى « مضر ».
والأعمش وأبو حيوة وإبراهيم :« سَيُفْرَغُ » - بضم الياء - من تحت مبنيًّا للمفعول.
وعيسى - أيضاً - بفتح نون العظمة، وكسر الراء.
والأعرج - أيضاً - بفتح الياء، ويروى عن أبي عمرو.
فصل في الكلام على فرغ
قال القرطبي :« يقال : فرغتُ من الشغل أفرغُ فُرُوغاً وفَرَاغاً، وتفرَّغْتُ لكذا، واستفرغتُ مجهودي في كذا، أي : بذلته، وليس لله - تعالى - شغل يفرغ منه، وإنما المعنى : سنقصد لمجازاتكم أو محاسبتكم، فهو وعيد لهم وتهديد قاله ابن عباس والضحاك، كقول القائل لمن يريد تهديده : إذن أتفرغ لك، أي : أقصد قصدك ».
وأنشد ابن الأنباري لجرير :[ الوافر ]
٤٦٤٠- ألانَ وقَدْ فَرَغْتُ إلى نُمَيْرٍ | فَهَذَا حِينَ كُنْتُ لَهُمْ عَذَابَا |
٤٦٤١- فَرَغْتُ إلى العَبْدِ المُقَيَّدِ في الحِجْلِ... ويدل عليه قراءة أبيِّ رضي الله عنه :« سَنفْرُغُ إليْكُمْ » أي سنقصد إليكم.
وفي حديث النبي ﷺ « أنه لما بايع الأنصار ليلة » العقبةِ «، صاح الشيطان : يا أهل الجباجب هذا مُذمَّمٌ يبايع بني » قيلة « على حربكم، فقال النبي ﷺ :» هذا أزَبّ العقبة، أما والله لأتفرَّغن لك «