الثالث : أنَّه جمع « نَصْب » نحو :« رَهْن ورُهُن، وسَقْف وسُقُف » وهذا قول أبي الحسن.
وجمع الجمع : أنصاب.
وقال النحاسُ : وقيل : نُصُبٌ ونَصْبٌ، بمعنى واحد، كما قيل : عُمْر وعُمُر وأسُد وأسْد جمع أسَد.
وأما الثالثة : ففعلٌ بمعنى مفعول، أي : منصوب كالقَبضِ والنَّقضِ.
والرابعة : تخفيفٌ من الثانية، والنصب أيضاً : الشر والبلاء، ومنه قوله تعالى :﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [ ص : ٤١ ].
؟؟؟؟؟؟؟فصل في معنى قوله : نصب
قال ابن عباس :« إلى نصب »، أي إلى غاية، وهي التي ينتهي إليها بصرُك.
وقال الكلبيُّ : هو شيءٌ منصوب علمٌ أو رايةٌ.
وقال الحسنُ : كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمسُ إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي أوَّلهم على آخرهم.
و « يُوفضُونَ » : يُسْرعُونَ.
وقيل : يستبقون.
وقيل : يسعون.
وقيل : ينطلقون، وهي متقاربة، والإيفاض : الإسراع؛ قال الشاعر :[ المتقارب ]

٤٨٧٥ - فَوَارسُ ذبْيانَ تَحْتَ الحَدِي دِ كالجِنِّ يُوفِضْنَ منْ عَبْقَرِ
وعبقر : موضع تزعم العرب أنه من أرض الجنِّ؛ قال لبيد :[ الطويل ]
٤٨٧٦ -.................. كُهُولٌ وشُبَّانٌ كجِنَّةِ عَبقَرِ
وقال الآخر :[ الرجز ]
٤٨٧٧ - لأنْعَتَنْ نَعَامَةً مِيفَاضَا... وقال الليثُ : وفضَتِ الإبل تَفضِي وفُضاً، وأوفضها صاحبُها، فالإيفاض متعد، والذي في الآية لازم يقال : وفض وأوفض، واستوفض بمعنى : أسْرَع.
قوله :﴿ خَاشِعَةً ﴾. حال إما من فاعل « يُوفِضُونَ » وهو أقرب، أو من فاعل « يَخرُجونَ » وفيه بعدٌ منه، وفيه تعدد الحال لذي حالٍ واحدةٍ، وفيه الخلافُ المشهورُ.
و « أبْصارُهُمْ » فاعل، والمعنى : ذليلةٌ خاضعةٌ لا يعرفونها لما يتوقعونه من عذاب الله.
قوله :﴿ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾، قرأ العامةُ، بتنوين « ذلَّة »، والابتداء ب « ذلِكَ اليَوْمَ »، وخبره « الَّذي كَانُوا ».
وقرأ يعقوب والتمَّارُ : بإضافةِ « ذلَّة » إلى « ذلك » وجر « اليَوْم »؛ لأنه صفةٌ، و « الَّذِي » نعتٌ لليومِ.
و « تَرهَقُهمْ » يجوز أن يكون استئنافاً وأن يكون حالاً من فاعل « يُوفضُونَ » أو « يَخرُجُونَ »، ولم يذكر مكي غيره.
ومعنى :« ترهَقهُمْ »، أي : يغشاهم الهوانُ والذلة.
قال قتادة : هو سوادُ الوُجوهِ.
والرَّهقُ : الغشيان : ومنه غلام مراهق إذا غشي الاحتلام، يقال : رهقه - بالكسر - يرهقه رهقاً، أي : غشيه.
ومنه قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ ﴾ [ يونس : ٢٦ ].
﴿ ذَلِكَ اليوم الذي كَانُواْ يُوعَدُونَ ﴾، أي : يوعدونه في الدنيا أنَّ لهم فيه العذاب، وأخرج الخبر بلفظ الماضي؛ لأن ما وعد الله به، فهو حقٌّ كائنٌ لا محالةَ.
روى الثَّعلبيُّ عن أبيِّ بن كعبٍ قال : قال رسول الله ﷺ :« مَنْ قَرَأ سُورَةَ سأل سَائلٍ، أعْطاهُ اللَّهُ ثَوابَ الَّذينَ لأمَانَاتِهِمْ وعهْدِهِمْ راعثونَ، والَّذينَ هُمْ على صَلأتِهِمْ يُحَافِظُونَ ».


الصفحة التالية
Icon