فصل في تفسير الآية
قال المفسرون :« الخيرات الحسان » يعني النِّساء، الواحدة « خيرة » على معنى « ذوات خير ».
وقيل :« خيرات » بمعنى « خيِّرات »، فخفف ك « هَيِّن وليِّن ».
روى الحسن عن أمّه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت :« قلت لرسول الله ﷺ : أخبرني عن قوله :» خَيْراتٌ حِسَان « قال :» خَيراتُ الأخلاقِ حسانُ الوُجوهِ « ».
وقال أبو صالح : لأنَّهُنَّ عَذَارى أبْكَارٌ.
وقال الحكيم الترمذي : ف « الخيرات »، ما اختارهنّ الله فأبدع خلقهنّ باختياره، فاختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين، ثم قال :« حِسَانٌ » فوصفهن بالحسن؛ فإذا وصف الله خالق الحسن شباباً بالحسن، فانظر ما هناك.
وقال ابن الخطيب :« في باطنهن الخير، وفي ظاهرهنّ الحسن ».
قوله تعالى :﴿ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام ﴾.
معنى « مقصورات » : أي : محبوسات ومنه القصر؛ لأنه يحبس من فيه.
ومنه قول النحاة :« المقصور »، لأنه حبس عن المد، وحبس عن الإعراب أو حبس الإعراب فيه، والنساء تمدح بملازمتهن البيوت كما قال قيس بن الأسلت :[ الطويل ]
٤٦٦٢- وتَكْسَلُ عَنْ جِيرَانِهَا فَيَزُرنهَا | وتغْفُلُ عَنْ أبْيَاتِهِنَّ فتُعْذَرُ |
قال كثير عزة فيه :[ الطويل ]
٤٦٦٣- وأنْتِ الَّتِي حبَّبْتِ كُلَّ قصيرةٍ | إليَّ، ولَمْ تَعْلَمْ بذاكَ القَصَائِرُ |
عَنَيْتُ قِصاراتِ الحِجَالِ ولمْ أردْ | قِصَارَ الخُطَا، شرُّ النِّساءِ البَحاتِرُ |
قال جرير :[ الوافر ]
٤٦٦٤- مَتَى كَانَ الخِيَامُ بِذِي طُلُوحٍ | سُقيتِ الغَيْثَ أيَّتُهَا الخِيَامُ |
فصل في أن جمال الحور يفوق الآدميات
اختلفوا أيهما أكثر حسناً وأتم جمالاً الحور أو الآدميات.
فقيل : الحور لما ذكر من صفتهن في القرآن والسُّنة، « ولقوله ﷺ في دعائه في صلاة الجنائز :» وأبْدِلْ لَهُ دَاراً خَيْراً مِنْ داره، وأبْدِلْ لَهُ زَوْجاً خَيْراً من زَوْجِه « ».
وقيل : الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف، روي ذلك مرفوعاً.
وقيل : إن الحور العين المذكورات في القرآن هن المؤمنات من أزواج النَّبيِّين والمؤمنين يخلقن في الآخرة على أحسن صورة. قاله الحسن البصري.
والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا، إنما هن مخلوقات في الجنة؛ لأن الله تعالى قال :﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات.
فصل في جمال الحور العين
« الحور » : جمع حوراء وهي الشديدة بياض العين مع سوادها.
و « المقصورات » : المحبوسات المستورات في الخيام، وهي الحجال، لسن بالطَّوافات في الطرق، قاله ابن عباس.