ويروى :[ البسيط ]

٤٦٩١- وفِي الجِنَانِ عَرُوبٌ غَيْرُ فَاحِشَةٍ ريَّا الرَّوادفِ يَغْشَى ضَوؤهَا البَصَرَا
وعن ابن عباس ومجاهد وغيرهما : العُرُب، العواشق لأزواجهن.
وعن عكرمة : العَرُوبة : الغَنِجَة.
قال ابن زيدٍ : بلغة أهل « المدينة »، وأنشد بيت لبيد، وهي الشَّكِلة بلغة أهل « مكّة ».
« وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه، قال : قال رسول الله ﷺ في قوله تعالى :» عُرُباً « قال :» كلامُهنَّ عَربيٌّ « ».
وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما :« العَرُوب » الملقة.
قوله :« أتْرَاباً » جمع « تِرْب »، وهو المساوي لك في سنّك لأنه يمسّ جلدها التراب في وقتٍ واحد، وهو آكد في الائتلاف، وهو من الأسماء التي لا تتعرف بالإضافة؛ لأنه في معنى الصفة؛ إذ معناه « مساويك »، ومثله :« خِدنُك » لأنه في معنى صاحبك.
قال القرطبي :« سنّ واحد، وهو ثلاث وثلاثون سنة، يقال في النساء : أتْرَاب، وفي الرجال : أقْرَان، وكانت العرب تميل إلى من جاوزت حدّ الصِّبا من النساء، وانحطَّت عن الكبر ».
وقال مجاهد : الأتْراب : الأمثال والأشكال.
وقال السُّدي : أتراب في الأخلاق لا تباغض بينهن ولا تحاسُد.
وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ قال :« يَدْخلُ أهْلُ الجنَّةِ الجنَّة جُرْداً مُرْداً، جعَاداً، مكحَّلينَ، أبْناءَ ثلاثِينَ على خَلْقِ آدَمَ طُولهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً في سبعةِ أذْرُعٍ ».
وعنه - ﷺ - قال :« مَنْ مَاتَ مِنْ أهْلِ الجنَّةِ من صغيرٍ وكبيرٍ دُون بَنِي ثلاثِيْن سنةً في الجنَّةِ، لا يزيدُون عليْهَا أبداً، وكذلكَ أهْلُ النَّارِ ».
قوله :﴿ لأَصْحَابِ اليمين ﴾.
في هذه « اللام » وجهان :
أحدهما : أنها متعلقة ب « أنْشَأْنَاهُنَّ » أي لأجل أصحاب اليمين.
والثاني : أنها متعلقة ب « أتْرَاباً » كقولك : هذا تربٌ لهذا، أي : مُسَاو له.
وقيل : الحور العين : للسَّابقين، والأتْرَاب العُرُب : لأصحاب اليمين.
قوله :﴿ ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين ﴾.
رجع الكلام إلى قوله تعالى :﴿ وَأَصْحَابُ اليمين مَآ أَصْحَابُ اليمين ﴾ [ الواقعة : ٢٧ ] أي هم ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين، وقد مضى الكلام في معناه.
وقال أبو العالية، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح والضحاك :﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين ﴾ يعني : من سابقي هذه الأمة، ﴿ وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخرين ﴾ من هذه الأمة من آخرها.
بدليل ما « روي عن ابن عباس في هذه الآية :﴿ ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين ﴾، فقال النبي ﷺ :» جَمِيعاً مِنْ أمَّتِي « ».
وقال الواحدي :« أصحاب الجنة نصفان : نصف من الأمم الماضية، ونصف من هذه الأمة ». ويرد هذا ما روى ابن ماجه في « سننه » والترمذي في « جامعه » عن بريدة بن الحصيب قال : قال رسول الله ﷺ :« أهْلُ الجنَّةِ عِشْرُونَ ومائة صنف، ثمانُون منْهَا من هذهِ الأمَّةِ، وأربعُونَ من سَائِرِ الأمَمِ ».
قال الترمذي : هذا حديث حسن.
و « ثُلَّةٌ » رفع على الابتداء، أو على حذف خبر حرف الصفة، ومجازه : لأصحاب اليمين ثلَّتان : ثلّة من هؤلاء، وثلّة من هؤلاء.
فالأوَّلُون : الأمم الماضية، والآخرون : هذه الأمة على قول الواحدي.


الصفحة التالية
Icon