٥٠١٣ - هَمَمْتُ بنَفْسِيَ كُلَّ الهُمومِ فأولَى لِنفْسِيَ أوْلَى لَهَا
وقال أبو البقاء هنا :« وزن » أولى فيه قولان :
أحدهما :« فَعْلَى » والألف فيه للإلحاق لا للتأنيث.
والثاني : هو « أفعل »، وهو على القولين هنا « علمٌ »، ولذلك لم ينون، ويدل عليه ما حكى أبو زيد في « النوادر » : هو أولاة - بالتاء - غير مصروف، لأنه صار علماً للوعيد، فصار كرجل اسمه أحمد، فعلى هذا يكون أولى مبتدأ، و « لك » الخبر.
والثاني : أن يكون اسماً للفعل مبنياً، ومعناه : وليك شر بعد شر، و « لك » تبيين.

فصل في نزول الآية


قال قتادة ومقاتل والكلبي :« خَرَجَ رَسُولُ الله ﷺ مِنَ المَسْجدِ ذَاتَ لَيْلةٍ فاسْتقَبلهُ أبُو جَهْل على بَابِ المَسْجدِ ممَّا يلي باب بني مَخْزُوم، فأخذ رسول الله ﷺ بيده، فهزه مرة أو مرتين ثم قال له رسول الله ﷺ :» أوْلَى لَكَ فأوْلَى، ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأوْلَى « فقال أبو جهلٍ : أتُهدِّدنِي؟ فواللَّهِ إنِّي لأعزُّ أهل هذا الوَادِي وأكْرمهُ، ولا تَسْتطِيعُ أنْتَ ولا ربُّكَ أن تَفْعَلا بِي شَيْئاً ثُمَّ انسَلَّ ذَاهِباً »، فأنزل الله - تعالى - كما قال الرسول الله ﷺ.
ومعنى أوْلَى لَكَ يعني ويل لك؛ قال الشاعر :[ الوافر ]
٥٠١٤ - فأوْلَى ثُمَّ أوْلَى ثُمَّ أوْلَى وهَلْ لِلدَّرِّ يُحْلَبُ مِنْ مَرَدِّ؟
وقيل : هو من المقلوب، كأنه قيل :« ويل » ثم أخر الحرف المعتل، والمعنى : الويل لك يوم تدخل النار؛ وهذا التكرير كقوله :[ الطويل ]
٥٠١٥ -........................ لَكَ الوَيْلاتُ إنَّكَ مُرْجِلِي
أي لك الويل ثم الويل.
وقيل : معناه الذم لك أولى من تركه.
وقيل : المعنى أنت أولى وأجدر بهذا العذاب.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : قال الأصمعي « أولى » في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك كما تقول : قد وليت الهلاك، أي دانيت الهلاك، وأصله من « الولي » وهو القرب، قال تعالى :﴿ قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ ﴾ [ التوبة : ١٢٣ ] أي : يقربون منكم.
قال القرطبي :« وقيل : التكرير فيه على معنى من ألزم لك على عملك السيّىء الأول ثم الثاني والثالث والرابع ».


الصفحة التالية
Icon