الرابع : أنها صفة ل « جنة » الملفوظ بها. قاله الزجاج.
وقال الفراء : نصب على المدحِ، أي : دانية عليهم، لقوله تعالى :﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [ الرحمن : ٤٦ ].
وقرأ أبو حيوة :« ودانية » بالرفع، وفيها وجهان :
أظهرهما : أن يكون « ظلالها » مبتدأ، و « دانية » خبر مقدم، والجملة في موضع الحال.
قال الزمخشري :« والمعنى : لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً، والحال أن ظلالها دانية ».
والثاني : أن ترتفع « دانية » بالابتداء، و « ظلالها » فاعل به، وبها استدل الأخفش على جواز إعمال اسم الفاعل، وإن لم يعتمد، نحو « قائم الزيدون »، فإن « دانية » لم تعتمد على شيء مما ذكره النحويون، ومع ذلك فقد رفعت « ظلالها ».
وهذا لا حجة فيه لجواز أن يكون مبتدأ وخبراً مقدماً كما تقدم.
وقال أبو البقاء : وحكي بالجر، أي : في جنة دانية، وهو ضعيف، لأنه عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار. يعني أنه قرئ شاذاً :« وَدانِيةٍ » بالجر على أنها صفة لمحذوف، ويكون حينئذٍ نسقاً على الضمير المجرور من قوله تعالى :﴿ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا ﴾ أي : ولا في جنة دانية، وهو رأي الكوفيين حيث يجوزون العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، ولذلك ضعفه، وتقدم الكلام على ذلك في البقرة.
وأما رفع « ظلالها » فيجوز أن يكون مبتدأ، و « عليهم » خبر مقدم، ولا يرتفع ب « دانية »، لأن « دنا » يتعدى ب « إلى » لا ب « على »، ويجوز أن ير فع ب « دانية » على أن يضمن معنى مشرفة؛ لأن « دنا » و « أشرف » متقاربان، قال معناه أبو البقاء، وهذان الوجهان جاريان في قراءة من نصب « دانية ».
وقرأ الأعمش :« ودانياً » بالتذكير للفصل بين الوصف وبين مرفوعه ب « عليهم » أو لأن الجمع مذكر.
وقرأ أبيّ :« ودَانٍ عَليْهِمْ » بالتذكير مرفوعاً، وهي شاذة. فمذهب الأخفش حيث يرفع باسم الفاعل وإن لم يعتمد، ولا جائز أن يعربا مبتدأ وخبراً لعدم المطابقة.
وقال مكي :« وقرئ » ودانياً « بالتذكير » ثم قال :« ويجوز :» ودانية « بالرفع، ويجوز » دانٍ « بالرفع والتذكير »، فلم يصرح بأنهما قرئا، وقد تقدم أنهما مقروء بهما، فكأنه لم يطلع على ذلك.
فصل في معنى الآية
قال المفسرون : معناه : أن ظل الأشجار في الجنة قريب من الأبرار فهي مظلة عليهم زيادة على نعيمهم.
قال ابن الخطيب : فإن قيل : الظل إنما يوجد حيث توجد الشمس، وهناك لا شمس في الجنة، فكيف يحصل الظل؟.