الرابعة : عكسه، لابن كثير وأبي بكر فقط.
فأما القراءة الأولى : فإن رفع « خضرٌ » على النعت ل « ثياب » ورفع « إستبرق » نسق على « الثياب » ولكن على حذف مضاف أي : وثيابٌ إستبرق ومثله : على زيد ثوبُ خزٍّ وكتانٍ أي : وثوبُ كتَّانٍ.
وأما القراءة الثانية : فيكون جر « خضر » على النعت ل « سندس ».
ثم استشكل على هذا وصف المفرد بالجمع، فقال مكي : هو اسم جمع.
وقيل : هو جمع « سندسة » ك « تمر وتمرة » ووصف اسم الجنس بالجمع يصح، قال تعالى ﴿ وَيُنْشِىءُ السحاب الثقال ﴾ [ الرعد : ١٢ ]، و ﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾ [ القمر : ٢٠ ]، و ﴿ مِّنَ الشجر الأخضر ﴾ [ يس : ٨٠ ] وإذا كانوا قد وصفوا المحل لكونه مراداً به الجنس بالجمع في قولهم :« أهلك الناسَ الدينارُ الحمرُ والدِّرهمُ البيضُ »، وفي التنزيل :﴿ أَوِ الطفل الذين ﴾ [ النور : ٣١ ] فلأن يوجد ذلك في أسماء الجموع أو أسماء الأجناس الفارق بينها وبين واحدها تاء التأنيث بطريق الأولى، وجر « إستبرق » نسقاً على « سندس »، لأن المعنى ثياب من سندس، وثياب من إستبرق.
وما القراءة الثالثة : فرفع « خضر » نعتاً ل « ثياب » وجر « إستبرق » نسقاً على سندس أي : ثياب خضر من سندس، ومن إستبرق، فعلى هذا يكون الإستبرق أيضاً أخضر.
وأما القراءة الرابعة : فجر « خضر » على أنه نعت ل « سندس » ورفع « إستبرق » على النسق على « ثياب » بحذف مضاف، أي : وثياب استبرق. وتقدم الكلام على مادة السندس والإستبرق في سورة الكهف.
وقرأ ابن محيصن :« وإستبرق » بفتح القاف، ثم اضطرب النقل عنه في الهمزة، فبعضهم ينقل عنه أنه قطعها، وبعضهم ينقل أنه وصلها.
قال الزمخشري :« وقرئ :» وإستبرق « نصباً في موضع الجر على منع الصرف، لأنه أعجمي، وهو غلط؛ لأنه نكرة يدخله حرف التعريف، تقول الإستبرق، إلا أنه يزعم ابن محيصن أنه قد جعل علماً لهذا الضرب من الثياب، وقرأ :» واستبرقَ « بوصل الهمزة والفتح على أنه مسمى ب » استفعل « من البريق، وهو ليس بصحيح - أيضاً - لأنه معرب مشهور تعريبه وأصله استبره ».
وقال أبو حيان : ودل قوله : إلا أن يزعم ابن محيصن، وقوله بعد : وقرئ « واستبرق » بوصل الألف والفتح، أنّ قراءة ابن محيصن هي بقطع الهمزة مع فتح القاف والمنقول عنه في كتب القراءات : أنه قرأ بوصل الألف وفتح القاف.
قال شهاب الدين : قد سبق الزمخشري إلى هذا مكي، فإنه قال : وقد قرأ ابن محيصن بغير صرف وهو وهم إن جعله اسماً؛ لأنه نكرة منصرفة.
وقيل : بل جعله فعلاً ماضياً من « برق » فهو جائز في اللفظ بعيد في المعنى.