فالعَجُّ : رفع الصوت بالتلبية.
والثَّجُّ : إراقة دماءِ حجج الهدي، يقال : ثجَّ الماء بنفسه، أي : انصبَّ، وثَجَجْتُه أنا : أي : صَبَبْتُه ثجَّا وثُجُوجاً، فيكون لازماً ومتعدياً؛ وقال الشاعر :[ الطويل ]

٥٠٧٢- إذَا رَجَفَتْ فِيهَا رَحا مُرْجَحِنَّةٌ تَبَعَّقَ ثَجَّاجاً غَزِيرَ الحَوافِلِ
وقرأ الأعمش :« ثَجَّاحاً » - بالحاء المهملة - أخيراً.
قال الزمخشري :« ومثاجح الماء : مصابُّه، والماء يثجح في الوادي ».
وكان ابن عبَّاس مثجًّا، يعني يثج الكلام ثجًّا في خُطبته.
قوله تعالى :﴿ لِّنُخْرِجَ بِهِ ﴾ أي : بذلك الماء « حَبَّا » كالحِنْطَةِ والشعير وغير ذلك.
« ونَبَاتاً » من الإنبات، وهو ما تأكله الدواب من الحشيش.
« وجَنَّاتٍ » أي : بساتين « ألْفَافاً » أي : مُلتفَّا بعضها ببعض كتشعيب أعضائها.
وفي الألفاف وجوه :
أحدها : أنه لا واحد له.
قال الزمخشري :« ألْفافاً » : مُلتفَّة، ولا واحد له ك « الأوزاع » والأخْيَاف.
والثاني : أنَّه جمعُ « لِفٍّ » - بكسر اللام - فيكون نحو :« سِرّ وأسرار »؛ وأنشد أبو عليٍّ الطوسِيُّ :[ الرمل ]
٥٠٧٣- جَنَّةٌ لِفٌ وعَيْشٌ مُغْدِقٌ ونَدامَى كُلُّهمْ بِيضٌ زُهُرْ
وهذا قول أكثر أهل اللغة، ذكره الكسائي.
الثالث : أنه جمع « لَفِيفٍ ». قاله الكسائي، وأبو عبيدة ك « شريف » و « أشراف »، و « شهيد » و « أشهاد »؛ قال الشاعر :[ الطويل ]
٥٠٧٤- أحَابيشُ ألْفَافٍ تَبايَنَ فَرْعهُمْ وحَزْمُهُمْ عَنْ نِسْبَةِ المُتعَرفِ
الرابع : أنَّه جمعُ الجميع، وذلك أنَّ الأصل :« لُفّ » في المذكر، و « لَفَّاء » في المؤنث ك « أحْمَر وحَمْرَاء »، ثُمَّ جمع « لُف » على « ألفَاف » إذ صار « لف » زنة « فعل » جمع جمعه قاله ابن قتيبة.
إلا أنَّ الزمخشري قال : وما أظنه واجداً له نظيراً من نحو :« خضر وأخضار، وحمر وأحمار ».
قال شهاب الدين : كأنه يستبعد هذا القول من حيث إنَّ نظائرهُ لا تجمع على « أفْعَال » إذ لا يقال :« خضر ولا حمر »، وإن كانا جمعين ل « أحمر وحمراء، وأخضر وخضراء »، وهذا غير لازم؛ لأن جمع الجمع لا ينقاس، ويكفي أن يكون له نظير في المفردات، كما رأيت من أن « لفَّاء » صار يضارع « فَعْلاء »، ولهذا امتنعوا من تكسير « مفَاعِل ومفَاعِيْل » لعدم نظيره في المفردات يحملان عليه.
الخامس : قال الزمخشريُّ :« ولو قيل : هو جمع :» ملتفّة « بتقدير حذف الزوائد لكان قولاً وجيهاً ».
وهذا تكلُّف لا حاجة إليه.
وأيضاً : فغالب عبارات النحاة في حذف الزوائد إنما هو في التصغير، يقولون : تصغير الترخيم بحذف الزوائد، وفي المصادر يقولون : هذا المصدر على حذف الزوائد.
قال القرطبي : ويقال : شجرة لفَّاء، وشجر لفٌّ، وامرأة لفَّاء، أي : غليظةُ السَّاقِ مجتمعة اللحم.
وقيل : التقدير : ونُخْرِجُ به جنَّاتٍ ألفافاً، ثم حذف لدلالة الكلام عليه.


الصفحة التالية
Icon