وقيل : يعني أنفس الكفار والمنافقين تنشط كما ينشط العقب الذي يعقب به السَّرج.
والنَّشْطُ : الجذبُ بسرعة.
ومنه الأُنشوطةُ : عقدة يسهل انحلالُها إذا جذبتْ مثل عقدة التكّة.
قال الليث : أنشطه بأنشوطة وأنشوطتين أي : أوثقته، وأنشطت العقال، أي : مددت أنشوطته فانحلّت.
ويقال : نشط بمعنى أنشط، لغتان بمعنى.
وعن ابن عباس أيضاً : أن الناشطات الملائكة، لنشاطها تذهب وتجيء بأمر ربها حيثما كان.
وقال مجاهدٌ : هو الموت ينشط نفس الإنسان.
وقال السدي : هي النفوس حين تَنْشَطُ من القدَميْنِ.
وقال قتادةُ، والحسنُ والأخفشُ : هي النجوم تنشط من أفقٍ إلى أفقٍ، أي : تذهب.
قال الجوهريُّ : يعني النجوم تنشطُ من بُرجٍ إلى برجٍ، كالثَّور الناشط من بلدٍ إلى بلدٍ.
وقيل :« النازعات » للكافرين : و « النَّاشطاتِ » للمؤمنين، فالملائكةُ يجْذِبُونَ أرواح المؤمنين برفقٍ.
والنَّزْعُ : جذبٌ بشدَّةٍ.
وقيل : هما جميعاً للكفَّار، والاثنان بعدهما للمؤمنين.
قوله :﴿ والسابحات سَبْحاً ﴾. قال عليٌّ رضي الله عنه : هي الملائكة تُسبح أرواح المؤمنين.
قال الكلبيُّ : كالذي يسبح في الماء، فأحياناً يَنْغَمِسُ، وأحياناً يرتفع يسلُّونها سلاًّ رفيقاً بسهولة، ثم يدعُونهَا حتى تستريح.
وقال مجاهدٌ وأبو صالحٍ : هي الملائكة ينزِلُونَ من السماء مُسْرِعينَ لأمر الله تعالى، كما يقال للفرس الجواد : سابحٌ إذا أسرع في جريه، وعن مجاهد : السابحات : الموت يسبح في نفوس بني آدم. وقيل : هي الخيل الغزاة.
قال عنترةُ :[ مجزوء الكامل ]
٥٠٨٧- والخَيْلُ تَعْلمُ حِينَ تَسْ | بَحُ في حِيَاضِ المَوْتِ سَبْحاً |
قال تعالى :﴿ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٣٣ ].
وقال عطاءُ : هي السُّفن تسبحُ في الماءِ.
وقال ابن عباسٍ : أرواح المؤمنين تسبحُ شوقاً إلى لقاء الله تعالى ورحمته حين تخرج.
قوله تعالى :﴿ فالسابقات سَبْقاً ﴾.
قال عليٌّ رضي الله عنه : هي الملائكة، تسبقُ الشياطينَ بالوَحْيِ إلى الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وهو قول مسروق ومجاهد.
وعن مجاهد - أيضاً - وأبي روق : هي الملائكة سبقت بني آدم إلى العملِ الصَّالحِ، فتكتبه.
وعن مجاهد - أيضاً - الموت يسبقُ الإنسان.
وقال مقاتلٌ : هي الملائكة تسبقُ بأرواح المؤمنين إلى الجنَّةِ.
وقال ابنُ مسعودٍ : هي أنفس المؤمنين، تسبقُ إلى الملائكة الذين يقبضونها، وقد عاينت السرور شوقاً إلى لقاءِ الله تعالى.
وقال قتادةُ والحسن ومعمر : هي النجوم تسبق بعضها.
وقال عطاءٌ : هي الخيلُ التي تسبقُ إلى الجهاد.
وقيل : يحتملُ أن تكون « السَّابقات » ما تسبق من الأرواح قبل الأجساد إلى جنة، أو نار؛ حكاه الماورديُّ.
قال الجرجانيُّ : وذكر « فالسَّابقَاتِ » بالفاء؛ لأنها مشتقة من التي قبلها، أي : واللاتي يَسْبَحْنَ فيسبقن، قام فذهب، فهذا يوجبُ أن يكون القام سبباً للذهابِ.
قال الواحديُّ : قول صاحب النَّظم غير مطرد في قوله :« فالمُدبِّراتِ أمْراً »؛ لأنه يبعد ان يجعل السَّبقُ سبباً للتَّدبير.