قوله تعالى :﴿ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً ﴾.
قرأ الأخوان وأبو بكر :« نَاخِرَةً » بألف.
والباقون :« نَخِرة » بدُونِهَا.
وهما ك « حَاذِرٍ، وحَذِر » فاعل لمن صدر عنه الفعل، و « فعل » لمن كان فيه غريزة أو كالغريزة.
وقيل : ناخِرَة، ونخِرَة بمعنى : بالية.
يقال : نَخِر العظم - بالكسر - أي بلي وتفتَّت.
وقيل : نَاخِرةٌ، أي : صارت الريح تَنْخَر فيها، أيك تصوت، ونَخِرَةٌ أي : ينخر فيها دائماً.
وقيل : ناخرة، أي : بالية، ونخرة : متآكلة.
وعن أبي عمرو : النَّاخرة : التي لم تنخر بعد، والنَّخرةُ : البالية.
وقيل : النَّاخرةُ : المصوت فيها الريح، والنَّاخرة : البالية التي تعفّنت.
قال الزمخشري :« نَخِرَ العَظْمُ فهو نَخِرٌ ونَاخِرٌ، كقولك : طمع، فهو طَمِعٌ وطَامِع، و » فَعِل « أبلغ من فاعل، وقد قُرئ بهما، وهو البالي الأجوف الذي تمرُّ فيه الريح، فيسمع له نخير ».
ومنه قول الشاعر :[ الطويل ]
٥٠٩١- وأخْلَيْتُهَا مِنْ مُخِّهَا فكَأنَّهَا | قَوارِيرُ في أجْوافِهَا الرِّيحُ تَنْخُرُ |
٥٠٩٢- أقْدِمْ سَجاجِ إنَّها الأسَاوِرَهْ | ولا يَهُولنكَ رُءُوسٌ نَادِرَهْ |
فإنَّمَا قَصْرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْ | ثُمَّ تَعُودُ بَعْدَهَا في الحَافِرَهْ |
قوله تعالى :﴿ قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ﴾.
« تلك » مبتدأ بها إلى الرَّجفةِ والردة في الحافرة، و « كَرَّةٌ » خبرها، و « خاسرة » صفة، أي : ذاتُ خسرانٍ، أو أسند إليها الخسار مجازاً والمراد أصحابُها، والمعنى : إن كان رجوعنا إلى القيامة حقاً، فتلك الرجعة رجعة خاسرة [ خائبة ]، وهذا أفادته « إذن » فإنها حرف جواب وجزاء عند الجمهور.
وقيل : قد لا تكون جواباً.
وعن الحسن : أن « خاسرة » بمعنى كاذبة، أي : ليست كائنة.
وقال الربيع بن أنس : خاسرةٌ على من كذَّب بها.
وقيل : كَرَّةُ خُسران، والمعنى : أهْلُهَا خاسرون، كقولك : تِجَارةٌ رابحةٌ، أي : يَرْبَحُ صاحبها.
وقال قتادة ومحمد بن كعب أي : لئن رجعنا أحياءً بعد الموت لنحشرن بالنَّار، وإنَّما قالوا هذا لأنَّهُم أوعدُوا بالنار، و « الكَرُّ » :« الرجوع »، يقال : كرَّهُ، وكَرَّ بنفسه، يتعدى ولا يتعدَّى.
والكَرَّةُ : المرَّةُ، الجمع : الكرَّات.
قوله :﴿ فَإِنَّمَا هِيَ ﴾ ضمير الكرة، أي : لا تحسبوا تلك الكرَّة صعبة على الله تعالى.
قال الزمخشري :« فإن قلت : بم يتعلق قوله :» فإنما هي «؟.
قلت : بمحذوف، معناه : لا تستصعبوها فإنما هي زجرة واحدة، يعني بالتعلُّق من حيث المعنى، وهو العطف.
وقوله :» فإذَا هُمْ « المفاجأة والسبب هنا واضحان.
والزجرة : قال ابن عباس رضي الله عنهما : في النَّفخةِ الواحدة » فإذا هُمْ « أي : الخلائق أجمعون، » بالساهرة « أي : على وجه الأرض من الفلاة، وصفت بما يقع فيها، وهو السهر لأجل الخوف.