وقيل : معناه يا من تحمل أمراً عظيماً، والزمل : الحمل.
قال البغويُّ : قال الحكماء : كان هذا الخطاب للنبي ﷺ في أول الوحي قبل تبليغ الرسالة، ثم خوطب بعد بالنبي، والرسول.

فصل في نفي كون « المزمل » اسماً للنبي ﷺ


قال السهيليُّ : ليس المزمل باسم من أسماء النبي ﷺ كما ذهب إليه بعض الناس، وعدوه في أسمائه ﷺ وإنما « المُزمِّلُ » اسم مشتق من حالته التي كان عليها حين الخطاب، وكذلك كان المُدثِّرُ.
وفي خطابه بهذا الاسم فائدتان : إحداهما : الملاطفة، فإن العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك المعاتبة، سموه باسم مشتق من حالته التي هو عليها « لقول النبي ﷺ لعلي - رضي الله عنه - حين غاضب فاطمة - رضي الله عنها - فأتاه وهو نائم وقد لصق جنبه بالتراب، فقال له :» قُمْ أبَا تُرابٍ «، إشعاراً له بأنه غير عاتب عليه، وملاطفة له وإشعاراً بترك العتب، [ وملاطفاً له وكذلك قوله ﷺ لحذيفة : قم يا نومان ملاطفة له، وإشعاراً بترك العتب والتأنيب ] - وكان نائماً - فقول الله تعالى لمحمد - ﷺ - :﴿ ياأيها المزمل قُمِ ﴾ فيه تأنيس له، وملاطفة ليستشعر أنه غير عاتب عليه.
والفائدة الثانية : التنبيه لكل متزمل راقد ليله ليتنبه إلى قيام الليل، وذكر الله تعالى فيه لأن الاسم المشتق من الفعل يشترك فيه مع المخاطب كل من عمل ذلك العمل، واتصف بتلك الصفة.
قوله :﴿ قُمِ الليل ﴾. العامة : على كسر الميم لالتقاء الساكنين.
وأبو السمال : بضمها، إتباعاً لحركة القاف.
وقرىء : بفتحها طلباً للخفة.
قال أبو الفتح : الغرض : الهرب من التقاء الساكنين، فبأيِّ حركة تحرك الأول حصل الغرض.
قال شهاب الدين :»
إلا أن الأصل : الكسر، لدليل ذكره النحويون، و « الليل » ظرف للقيام وإن استغرقه الحدث الواقع فيه، هذا قول البصريين، وأما الكوفيون فيجعلون هذا النوع مفعولاً به «.
قال القرطبي :»
وهو من الأفعال القاصرة الغير متعدية إلى مفعول، فأما ظرف المكان والزمان فسائغ فيه، إلا أن ظرف المكان لا يتعدى إليه إلا بواسطة، لا تقول :« قمت الدار » حتى تقول :« قُمْتُ وسَط الدَّارِ، وخارج الدارِ »، وقد قيل هنا : إن « قم » معناه : صل، عبر به هنا واستعير له حتى صار عرفاً بكثرة الاستعمال «.

فصل في حد الليل


الليل : حده من غروب الشمس إلى طلوع الفجر وقد تقدم بيانه في البقرة.
قال القرطبيُّ :»
واختلف هل كان قيامه فرضاً أو نفلاً؟ والدلائل تقوي أن قيامه كان فرضاً لأن الندب لا يقع على بعض الليل دون بعض لأن قيامه ليس مخصوصاً بوقت دون وقتٍ «.


الصفحة التالية
Icon