قلت : سجين : كتاب جامع هو : ديوان الشر دون الله فيه أعمال الشياطين، وأعمال الكفرة والفسقة من الجنِّ والإنسِ، وهو كتاب مرقومٌ مسطورٌ بين الكتابة، أو معلم يعلم من رآه أنه لا خير فيه، فالمعنى : أن ما كتب من أعمال الفجار مثبت في ذلك الديوان، وسمي « سجِّيْناً » « فعيلاً » من السجن؛ لأنه سبب الحبس والتضييق في جهنم انتهى.
فصل في تفسير معنى سجين
قال عبدُ اللهِ بن عُمرَ وقتادةُ ومجاهدٌ والضحاكُ :« سِجِّين » هي الأرض السابعة السفلى، فيها أرواح الكفَّار.
وروى البراء، قال : قال رسول الله ﷺ :« » سِجِّين « أسفلُ سبْعِ أرضين، و » عِلِّيُّون « في السماءِ السَّابعة تحت العرشِ ».
وقال الكلبي : هي صخرة تحت الأرض السابعة.
وقال عكرمةُ :« لفي سجِّين » لفي خسارةٍ وضلالٍ.
قال القشيريُّ :« سجين » : موضع في السافلين، يدفن فيه كتاب هؤلاء، فلا يظهر، بل يكون في ذلك الموضع كالمسجون.
قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ﴾، أي : ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت، ولا قومك.
قال القرطبي : وليس في قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ﴾ ما يدل على أن لفظ « سجين » ليس عربياً، كما لا يدل قوله :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا القارعة ﴾ [ القارعة : ٣ ]، بل هو تعظيم لأمْرِ سجين.
قوله تعالى :﴿ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ﴾ قال المفسرون : ليس هذا تفسيراً ل « سجين »، بل هو بيان للكتاب المذكور في قوله :« إنَّ كِتابَ الفُجَّار » أي : هو كتاب مرقوم، أي : مكتوب فيه أعمالهم مثبت عليهم، كالرقم لا ينسى ولا يمحى حتى يجازى به، والرقم : الخط؛ قال :[ الطويل ]
٥١٢٨- سَأرْقمُ فِي المَاءِ القَراحِ إليْكمُ | عَلَى بُعدكُمْ، إنْ كَانَ في الماءِ رَاقمُ |
وقال قتادةُ ومقاتل : رقم : نشر، كأنه أعلم بعلامة يعرف بها أنَّه كافر.