قال الفراء : وهما متقاربان في المعنى، إلا أن الخاتم : الاسم، والخِتَام : المصدر، كقولهم : هو كريم الطِّباع والطَّابع، والخِتَام والخَاتم.
وقال قتادة : يمزج لهم بالكافور، ويختم لهم بالمسك.
وقال مجاهد : مختوم، أي : مطين.
قوله :﴿ خِتَامُهُ ﴾ أي : طينة مسك.
قال ابن زيد : ختامه عند الله مسك، وختام الدنيا طين.
وقرأ الكسائي :« خَاتَمهُ » بفتح التاء بعد الألف.
والباقون : بتقديمها على الألف.
فوجه قراءة الكسائي : أنه جعله اسماً لما يختم به الكأس، بدليل قوله :« مَخْتُوم ». ثم بين الخاتم ما هو، فروي عن الكسائي أيضاً : كسر التاء، فيكون كقوله تعالى :﴿ وَخَاتَمَ النبيين ﴾ [ الأحزاب : ٤٠ ]، والمعنى : خاتم رائحته مسك ووجه قراءة الجماعة : أن الختام هو الطين الذي يختم به الشيء، فجعل بدله المسك.
قال الشاعر :[ الوافر ]
verse>... ٥١٣٠- كَأَنَّ مُشعْشَعاً مِنْ خَمْرِ بُصْرَى
نَمَتْهُ البَحْتُ مَشْدُودَ الخِتَامِ... وقيل : خلطه ومزاجه.
وقيل : خاتمته أي : مقطع شربه يجد الإنسان فيه ريح المسك.
قيل : سُمِّي المسك مسْكاً؛ لأن الغزال يُمسكه في سُرَّته، والمساكةُ : البُخْلُ وحبس المال، يقال : رجل مَسِيكٌ لبخله، والمَسْكُ : الجلد لإمساكه ما فيه، والمَاسِكَة : التي أخطأت خافضتُها فأصابت من مسكها غير موضع الختان، والمَسَكة : سوار من قرن أو عاجٍ لتماسكه والمسكة - بضم الميم - : الشَّيء القليل، يقال : ما له مُسْكَة، أي : عقل.
قوله تعالى :﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المتنافسون ﴾. التَّنافسُ : المُغالبة في الشيء النفيس، يقال : نفستُه به نفاسة، أي : بخلت به، وأصله من النَّفْسِ لعزتها.
قال الواحديّ : نفستُ الشيء أنفسُه نفاسةً : بَخِلْتُ به.
وقال البغوي : وأصله من الشيء النَّفِيس أي : تحرص عليه نفوس النَّاس، ويريده كل واحد لنفسه، وينفس به على غيره أي : يضنّ، والمعنى : وفي ذلك فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله تعالى.
وقال مجاهد : فليعمل العاملون، كقوله تعالى :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾ [ الصافات : ٦١ ].
وقال عطاء : فليستبق المستبقون.
وقال مقاتلُ بن سليمان : فليتنازع المتنازعون.
قوله :﴿ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ ﴾، التسنيم : علمٌ لعينٍ في الجنَّة.
فصل في المراد بالتسنيم
قال الزمخشريُّ :« التسنيم » علمٌ لعين بعينها، سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنَّمه، إذا رفعه.
قال شهاب الدِّين : وفيه نظر؛ لأنه كان من حقه أن يمنع الصَّرف للعلمية والتأنيث، وإن كان مجازياً، ولا يقدح في ذلك كونه مذكر الأصل؛ لأن العبرة بحال العلمية، ألا ترى أنهم نصّوا على أنَّه لو سمي ب « زيد » امرأة وجب المنع، وإن كان في « هِنْد » وجهان، اللهم إلا أن يقول : ذهب بها مذهب النهر، ونحوه، فيكون ك « واسط، ودانق ».
فصل في معنى التسنيم
التسنيم : شرابٌ ينصبُّ عليهم من علوٍّ في غرفهم ومنازلهم.
وقيل : يجري في الهواء منسماً فينصبُّ في أوانيهم فيملأها.