ومعنى، « فاليوم » أي : في الآخرة يضحك المؤمنون من الكافرين، وفي سبب هذا الضحك وجوه :
منها : أنَّ الكفار كانوا يضحكون على المؤمنين في الدنيا، بسبب ما هم فيه من التضرر والبؤس، وفي الآخرة يضحك المؤمنون على الكافرين، بسبب ما هم فيه من أنواع العذاب والبلاء.
ومنها : أنَّهم علموا أنهم كانوا في الدنيا على غير شيء، وأنهم باعوا الباقي بالفاني.
ومنها : أنَّهم دخلوا الجنة، أجلسُوا على الأرائكِ ينظرون إلى الكفَّار كيف يعذبون في النار، ويرفعون أصواتهم بالويل والثبور، ويلعن بعضهم بعضاً.
ومنها : قال أبو صالح : يقال لأهل النار - وهم فيها - اخرجوا، ويفتحُ، لهم أبوابها، فإذا رأوها وقد فتحت أبوابها أقبلوا إليها يريدون الخروج والمؤمنون ينظرون إليهم فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم، فذلك سبب الضحاك.
قوله :﴿ عَلَى الأرآئك يَنظُرُونَ ﴾ : الجار متعلقٌ ب « ينظرون »، و « ينظرون » : حال من « يضحكون »، أي : يضحكون ناظرين إليهم، وإلى ما هم فيه من الهوان.
قوله :﴿ هَلْ ثُوِّبَ ﴾. يجوز أن تكون الجملة الاستفهامية معلقة للنظر قبلها، فتكون في محل نصب بعد إسقاط الخافض ب « ينظرون ».
وقيل : استئناف لا موضع له، ويجوز أن يكون على إضمار القول : أي : يقولون : هل ثوب، ومعنى « ثُوِّب » أي : جُوزيَ، يقال : ثوَّبهُ وأثابهُ.
قال :[ الطويل ]
٥١٣١- سَأجزِيكَ أو يَجْزيكَ عنِّي مُثوِّبٌ | وحَسْبُكَ أنْ يُثْنَى عَليْكَ وتُحْمَدَا |
قوله :« ما كانوا » فيه حذف، أي : ثواب ما كانوا، أو موصول اسمي أو حرفي.
قال المبرد :« ثوب » فعل من الثواب، وهو ما ثوب، يرجع على فاعله جزاء ما علمه من خير، أو شر، والثَّوابُ : يستعمل في المكافأة بالشَّر.
وأنشد أبو عبيدة :[ الوافر ]
٥١٣٢- ألاَ أَبْلِغْ أبَا حَسنٍ رَسُولاً | فمَا لَكَ لا يَجِيءُ إلَى الثَّوابِ |
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :« مَنْ قَرَأَ سُورَة » المُطَفِّفِين « سقاهُ اللهُ من الرَّحيقِ المختُومِ يَوْمَ القِيَامَةِ ».