﴿ وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمُ انقلبوا فَكِهِينَ ﴾ [ المطففين : ٣١ ]، أي : متنعمين في الدنيا، معجبين بما هم عليه من الكفر بالله، والتكذيب بالبعث، يضحك ممن آمن بالله وصدَّق بالحساب، كما قال ﷺ :« الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤمن وجنَّةُ الكَافِرِ ».
قوله :﴿ إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ ﴾. معنى « يَحُور » أي : يرجع، يقال : حَارَ يَحُورُ حَوْرَاً؛ قال لبيدٌ :[ الطويل ].
٥١٣٩- ومَا المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ | يَحُورُ رَمَادَاً بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ |
وقال الراغب :« الحَوْرُ : التردد في الأمر، ومنه :» نعوذ بالله من الحور بعد الكور «، أي : من التردد في الأمر بعد المضي فيه، ومحاورة الكلام : مراجعته، والمحور : العود الذي تجري فيه البكرة لترددها عليه، والمحار : المرجع والمصير ».
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : ما كنت أدري ما معنى :« حَوْر » حتى سمعت أعرابياً يقول لابنته :« حُورِي » أي : ارجعي.
وقال عكرمة وداود بن أبي هند :« يَحُور » : كلمة بالحبشية، ومعناها : يرجع.
قال القرطبي :« ويجوز أن تتفق الكلمتان، فإنَّهما كلمة اشتقاق، ومنه : الخبز الحُوارى، لأنه يرجع إلى البياض ».
والحُور أيضاً : الهلاك.
قال الراجز :[ الرجز ].
٥١٤٠- فِي بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى ولا شَعَرْ... وقوله تعالى :﴿ أَن لَّن يَحُورَ ﴾ :« أن لن » هذه « أن » المخففة كالتي في أوَّل سورة القيامة، وهي سادَّة مسد المفعولين، أو أحدهما على الخلاف.
وقوله :« بَلَى » جواب للنفي في « لن »، و « أن » : جواب قسم مقدر، والمعنى : إنه ظن أن لن يرجع إلينا ولن يبعث، ثم قال :« بَلَى » أي : ليس كما ظن بلى يحور إلينا، أي : يبعث.
﴿ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً ﴾ [ قال الكلبي : بصيراً به من يوم خلقة إلى أن يبعثه.
وقال عطاء : بصيراً ] بما سبق عليه في أمَّ الكتاب من الشقاوة.