[ الشعراء : ٧٨ ].
وقال موسى - ﷺ - لفرعون :﴿ رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى ﴾ [ طه : ٥٠ ]، وقال هنا ذلك، وإنما خصت هذه الطريقة لوضوحها وكثرة عجائبها.
قوله :﴿ والذي أَخْرَجَ المرعى ﴾، أي : النبات، لما ذكر سبحانه ما يختص بالناس، أتبعه بما يختص بسائر الحيوان من النعم، أي : هو القادر على إنبات العشب، لا كلأصنام التي عبدتها الكفرةُ، والمرعى : ما تخرجه الأرض من النبات، والثمار، والزروع، والحشيش.
قال ابنُ عبَّاسٍ :« المرعى » : الكلأ الأخضر.
قوله :﴿ فَجَعَلَهُ غُثَآءً أحوى ﴾. « غثاء » : إما مفعول ثانٍ : وإما حال.
« والغُثَّاء » :- بتشديد الثاء وتخفيفها - وهو الصحيح، ما يغترفه السيل على جوانب الوادي من النبات ونحوه؛ قال امرؤ القيس :[ الطويل ]

٥١٧٧- كَأنَّ طَميَّاتِ المُجيمِرِ غُدوَةً مِن السَّيْلِ والأغْثَاءِ فلكةُ مِغْزَلِ
ورواه الفراء :« والأغثاء » على الجمع، وفيه غرابة من حيث جمع « فعالاً » على « أفعال ».
قوله تعالى :﴿ أحوى ﴾. فيه وجهان :
أظهرهما : أنه نعت ل « غثاء ».
والثاني : أنه حال من المرعى.
قال أبو البقاء :« فقدَّم بعض الصلة »، يعني : ان الأصل أخرج المرعى أحوى، فجعله غثاء.
قال شهابُ الدِّين : ولا يسمى هذا تقديماً لبعض الصلة.
والأحْوَى :« أفعل » من الحُوَّة، وهي سوادٌ يضرب إلى الخُضْرَة؛ قال ذو الرُّمَّة :[ البسيط ]
٥١٧٨- لمْيَاءُ فِي شَفتيْهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ وفِي اللِّثاتِ وفي أنْيَابِهَا شَنَبُ
وقد استدلَّ بعض النحاة على وجود بدل الغلط بهذا البيت.
وقيل : خضرة عليها سواد، والأحْوَى « الظبي؛ لأن في ظهره خطَّين؛ قال :[ الطويل ]
٥١٧٩- وفِي الحيِّ أحْوَى يَنفضُ المَرْدَ شَادِنٌ مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلؤٍ وزَبَرْجَدِ
ويقال : رجل أحْوَى، وامرأة حوَّاءُ، وجمعهما »
حُوٌّ « نحو : أحْمَر وحَمْراء وحُمْر، قال القرطبيُّ :» وفي الصِّحاح « :» والحُوَّةُ : حمرة الشفة، يقال : رجل أحْوَى وامرأة حوَّاء وقد حويتُ، وبعير أحْوَى : إذا خالط خضرته سواد وصُفْرَة، قال : وتصغير أحْوَى : أحَيْوٍ في لغة من قال : أسَيْود «.
قال عبد الرحمن بن زيدٍ : هذا مثلٌ ضربه الله تعالى للكُفَّار لذهاب الدنيا بعد نضارتها، والمعنى : أنه صار كذلك بعد خضرته.
وقال أبو عبيدة : فجعله أسود من احتراقه وقدمه، والرطب إذا يبس اسود.


الصفحة التالية
Icon