قوله :﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الحياة الدنيا ﴾، قرأ أبو عمرو : بالغيبة.
والباقون : بالخطاب ويؤيده قراءة أبيٍّ :« أنْتُمْ تُؤْثِرُون ».
وعلى الأول معناه : بل تؤثرون أيها المسلمون الاستكثار من الدنيا على الاستكثار من الثواب.
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - : أنَّه قرأ هذه الآية، فقال : أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة؟ قال : لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها ولذاتها وبهجتها، والأخرى : غيبت عنا فأخذنا العاجل، وتركنا الآجل.
قوله :﴿ والآخرة خَيْرٌ وأبقى ﴾، أي : والدَّار الآخرة خير، أي : أفضل وأبقى أي : أدوم.
قوله :﴿ إِنَّ هذا لَفِي الصحف الأولى ﴾.
قرأ أبو عمر، في رواية الأعمش وهارون : بسكون الحاء في الحرفين، واختلفوا في المشار إليه بهذا.
فقيل : جميع السورة، وهو رواية عكرمة عن ابن عباس.
وقال الضحاكُ : إن هذا القرآن « لفي الصحف الأولى » أي : الكتب الأولى.
﴿ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وموسى ﴾ يعني : الكتب المنزلة عليهما، ولم يرد أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف، وإنما معناه : أن معنى هذا الكلام في تلك الصحف.
وقال قتادة وابن زيد : المشار إليه هو قوله تعالى :﴿ والآخرة خَيْرٌ وأبقى ﴾ وقال : تتابعت كتب الله تعالى - كما تسمعون - أن الآخرة خير وأبقى وقال الحسن : إن هذا لفي الصحف الأولى يعني من قوله تعالى :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى ﴾ إلى آخر السورة؛ لماروى أبو ذر - رضي الله عنه - قال :« قلت : يا رسول الله هل في أيدينا شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال ﷺ :» نعم « »، ثم قرأ أبو ذر :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى ﴾ إلى آخر السورة.
وروى أبو ذرٍّ - رضي الله عنه - « أنَّه سأل رسول الله ﷺ كم أنزل من كتاب؟ فقال رسول الله ﷺ :» مائة وأربعُ كتبٍ : على آدم عشرةُ صحفٍ، وعلى شيثٍ خمسُونَ صحيفةً، وعَلى إدْريسَ ثلاثُونَ صَحيفَةً، وعلى إبْراهِيمَ عشرةُ صَحائفَ، والتَّوراة والإنجيلُ والزَّبورُ والفُرقانُ « ».
قوله :« إبراهيم » قرأ العامة بالألف بعد الراء، وبالياء بعد الهاء.
وأبو رجاء : بحذفهما والهاء مفتوحة، أو مكسورة، فعنه قراءتان.
وأبو موسى وابن الزبير :« إبراهام » - بألفين - وكذا في كل القرآن.
ومالك بن دينار : بألف بعد الراء فقط، والهاء مفتوحة.
وعبد الرحمن بن أبي بكرة :« إبْرَهِمَ » بحذف الألف وكسر الهاء وقد تقدم الكلام على هذا الاسم ولغاته مستوفى في سورة « البقرة » ولله الحمد على كل حال.
وقال ابن خالويه : وقد جاء « إبْراهُم » يعني بألف وضم الهاء.
وروى الثعلبي عن أبيّ - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله ﷺ :« مَنْ قَرَأ سُورةَ الأعْلَى أعطاهُ اللهُ تعالَى من الأجْرِ عَشْرَ حسناتٍ، عدد كُلِّ حرفٍ أنزله اللهُ على إبْراهيمَ ومُوسَى ومحمدٍ، صلواتُ الله عليْهِم أجْمعِينَ ».


الصفحة التالية
Icon