قوله :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ﴾.
قرا العامة :« بعاد » : مصروفاً، « إرم » بكسر الهمزة، وفتح الراء، والميم.
ف « عاد » اسم لرجل في الأصل، ثم أطلق على القبيلة أو الحي، وقد تقدم في الكلام عليه، وأما :« إرَمَ » فقيل : اسم قبيلة. وقيل : اسم مدينة [ اختلفوا في تعيينها، فقيل :« إسكندرية »، وقيل :« دمشق »، وهذان القولان ضعيفان؛ لأنها منازل كانت من « عمان » إلى « حضرموت »، وهي بلاد الرمال والأحقاف، وأما « الإسكندرية » و « دمشق »، فليستا من بلاد الرمال ].
فإن كانت اسم قبيلة كانت بدلاً، أو عطف بيان، أو منصوبة بإضمار :« أعني »، وإن كانت اسم مدينة، فتعلق الإعراب من :« عاد » وتخريجه على حذف مضاف، كأنه قيل : بعاد أهل إرم. قاله الزمخشري.
وهو حسن، ويبعد أن يكون بدلاً من :« عاد »، بدل اشتمال، إذ لا ضمير، وتقديره قلق وقد يقال : إنه لما كان المراد ب « عاد » : مدينتهم؛ لأن « إرم » قائمة مقام ذلك، صح البدل.
وإرَمَ : اسم جد عاد، وهو عادُ بنُ عوصِ بنِ إرمَ بْنِ نوحٍ ﷺ ؛ قال زهيرٌ :[ البسيط ]

٥١٩٣- وآخَرينَ تَرَى المَاذيَّ عُدَّتهُمْ مِنْ نسْجٍ دَاوُد أوْ مَا أوْرثَتْ إرَمْ
وقال ابن قيس الرقيات :[ المنسرح ]
٥١٩٤- مَجْداً تَلِيداً بَناهُ أوَّلهُ أدْركَ عاداً وقَبْلهَا إرَمَا
وقرأ الحسن :« عاد » غير مصروف.
قال أبُو حيَّان : مضافاً إلى « إرَمَ »، فجاز أن يكون « إرَمَ » أباً، أو جداً، أو مدينة.
قال شهاب الدين : يتعين أن يكون في قراءة الحسن، غير مضاف، بل يكون كما كان منوناً، ويكون « إرَمَ » بدلاً أو بياناً أو منصوباً بإضمارِ : أعني، ولو كان مضافاً لوجب صرفه وإنما منع « عاد » اعتباراً بمعنى : القبيلة، أو جاء على أحد الجائزين في :« هند » وبابه.
وقرأ الضحاكُ في رواية :« بِعادَ أرَمَ » ممنوع الصرف، وفتح الهمزة من :« أرم ».
قال مجاهد : من قرأ بفتح الهمزة شبههم بالآرام التي هي الأعلام.
وعنه أيضاً : فتح الهمزة، وسكون الراء، وهو تخفيف « أرِم » بكسر الراء، وهي لغة في اسم المدينة، كما قرئ :﴿ بِوَرِقْكُمْ ﴾ [ الكهف : ١٩ ]، وهي قراءة ابن الزبير، وعنه في :« عاد » مع هذه القراءة : الصرف وتركه.
وعنه - أيضاً - وعن ابن عباسٍ :« أرَمَّ » بفتح الهمزة والراء والميم المشددة جعلاه فعلاً ماضياً، [ يقال : أرم العظم أي بَلِيَ، وأرم وأرمه غيره، فأفعل يكون لازماً ومتعدياً في هذا ].


الصفحة التالية
Icon