وقرأ ابن الزبير :« فدهدم » بهاء بين الدالين بدل الميم، وهي بمعنى القراءة المشهورة.
قال القرطبي :« وهما لغتان، كما يقال : امتقع لونه، وانتقع ».
قوله :﴿ فَسَوَّاهَا ﴾. الضمير المنصوب يجوز عوده على « ثمود » باعتبار القبيلة كما أعاده في قوله تعالى ﴿ بِطَغْوَاهَآ ﴾ ويجوز عوده على « الدمدمة » والعقوبة أي : سواها بينهم، فلم يفلت منهم أحد.
قوله :﴿ وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾. قرأ نافع وابن عامر :« فَلاَ » بالفاء، والباقون : بالواو، ورسمت في مصاحف المدينة والشام بالفاء، وفي غيرها بالواو، فقد قرأ كل بما يوافق رسم مصحفه.
وروي أن رسول الله ﷺ كان يقرأ : ولم يخف، وهي مؤيدة لقراءة الواو. ذكره الزمخشري.
فالفاء تقتضي التعقيب، وهو ظاهر، والواو يجوز أن تكون للحال، وأن تكون لاستئناف الإخبار.
قال القرطبي : روي أن ابن وهب وابن القاسم قالا : أخرج إلينا مالك مصحفاً لجده، وزعم أنه كتبه في أيام عثمان بن عفان - رضي الله عنه - حين كتب المصاحف، وفيه :« ولاَ يَخافُ » بالواو وكذا هي في مصاحف أهل مكة والعراق : بالواو، واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم.
وضمير الفاعل في « يَخَافُ » الأظهر عوده على الرب تبارك وتعالى، لأنه أقرب مذكور، وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد، والهاء في « عُقْبَاهَا » ترجع إلى الفعلة، وذلك لأنه تعالى يفعل ذلك بحق، وكل من فعل فعلاً بحق فإنه لا يخاف عاقبة فعله.
وقيل : المراد تحقيق ذلك الفعل والله تعالى أجل من أن يوصف بذلك.
وقيل : المعنى أنه بالغ في الإعذار إليهم مبالغة من لا يخاف عاقبة عذابهم.
وقيل : يرجع إلى رسول الله، أي : لا يخاف صالح - ﷺ - عقبى هذه العقوبة لإنذاره إياهم، ونجاه الله حين أهلكهم.
وقال السديُّ والضحاك والكلبي : إن الضمير يرجع إلى « أشْقَاهَا »، أي : انبعث لعقرها والحال أنه غير خائف عاقبة هذه الفعلة الشنعاء، وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أيضاً.
في الكلام تقديم وتأخير : إذ انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها، وعقبى الشيء : خاتمته.
وروى الثعلبي عن أبيٍّ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :« مَنْ قَرَأ ﴿ والشمس وَضُحَاهَا ﴾ فكَأَنَّمَا تصدَّق بِكُلِّ شيءٍ طَلعتْ عليْهِ الشَّمْسُ والقَمرُ ».