﴿ وَمَآ أمروا إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين ﴾ [ البينة : ٥ ]، والتبتل المنهي عنه : سلوك مسلك النصارى في ترك النكاحِ، والترهب في الصوامع، لكن عند فساد الزمان يكون خير مال المسلمِ غنماً يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن «.
قوله :﴿ رَّبُّ المشرق والمغرب ﴾.
قرأ الأخوان وأبو بكر وابن عامرٍ : بجر »
ربِّ « على النعت ل » ربِّك «، أو البدل منه، أو البيان له.
وقال الزمخشري : وعن ابن عباس : على القسم بإضمار حرف القسمِ، كقولك :»
والله لأفعلنَّ « وجوابه » لا إله إلاَّ هُو «، كما تقول :» والله لا أحد في الدار سوى زيد «.
قال أبو حيَّان : لعل هذا التخريج لا يصح عن ابن عباس، لأن فيه إضمار الجار، ولا يجيزه البصريون إلاَّ مع لفظ الجلالةِ المعظمة خاصة، ولأن الجملة المنفية في جواب القسم إذا كانت اسمية فإنما تنفى ب »
مَا «، وحدها، فلا تنفى ب » لا « إلا الجملة المصدرة بمضارع كثيراً، أو بماض في معناه قليلاً.
نحو قول الشاعر :[ البسيط ]

٤٩٢٧ - رِدُوا فَواللَّهِ لا زُرْنَاكُمُ أبَداً مَا دَامَ في مائنَا وِرْد لِوُرَّادِ
والزمخشري أورد ذلك على سبيل التجويزِ، والتسليم، والذي ذكره النحويون هو نفيها ب » مَا «؛ كقوله :[ الطويل ]
٤٩٢٨ - لَعمْرُكَ ما سَعْدٌ بخُلَّةِ آثمٍ ولا نَأنَإٍ يَوْمَ الحِفَاظِ ولا حَصِرْ
قال شهاب الدين :»
قد أطلق ابن مالك أن الجملة المنفية سواء كانت اسمية، أم فعليه تنفى ب « ما »، أو « لا »، أو « إن » بمعنى :« ما »، وهذا هو الظاهر «.
وباقي السبعة : ترفعه، على الابتداء وخبره الجملة من قوله »
لا إله إلا الله «، أو على خبر ابتداء مضمر، أي :» هُو ربُّ «، وهذا أحسن لارتباط الكلام بعضه ببعض.
وقرأ زيد بن علي :»
ربَّ « بالنصب على المدح.
وقرأ العامة :»
المشْرِق والمَغْرِب « موحدين.
وعبد الله وابن عباس :»
المشَارِق والمغَارِب «.
ويجوز أن ينصب »
ربَّ « في قراءة زيد من وجهين :
أحدهما : أنه بدل من »
اسم ربِّك «، أو بيان له، أو نعت له، قاله أبو البقاء، وهذا يجيء على أن الاسم هو المسمى.
والثاني : أنه منصوب على الاشتغال بفعل مقدر، أي : فاتخذ ربَّ المشرق فاتخذه، وما بينهما اعتراض.
والمعنى : أن من علم أنه رب المشارق، والمغارب انقطع بعمله إليه »
واتَّخذهُ وَكِيْلاً «، أي : قائماً وقيل : كفيلاً بما وعدك.


الصفحة التالية
Icon