[ وقد تقدم أن معنى ذلك عند هذا القائل أن يتعلق بمحذوف مدلول عليه ب « سلام » فهو تفسير معنى لا تفسير إعراب ].
وما يروى عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - أن الكلام تمَّ عند قوله تعالى :« سلامٌ » ويبتدئ ب « هِيَ » على أنها خبر مبتدأ، والإشارة بذلك إلى أنها ليلة السابع والعشرين، لأن لفظه : هي سابعة وعشرون، من كلم هذه السورة، فلا ينبغي أن يعتقد صحته لأنه إلغاز وتغيير لنظم أفصح الكلام.
[ قوله :﴿ حتى مَطْلَعِ الفجر ﴾ متعلق ب « تنزل » أو ب « سلام » وفيه إشكال للفصل بين المصدر والمعمول للمبتدأ، إلا أن يتوسع في الجار ].
وقرأ الكسائي وابن محيصن :« مطلِع » بكسر اللام، والباقون : بالفتح، والفتح هو القياس، والكسر سماع، وله أخوات تحفظ فيها الكسر مما ضم مضارعه، أو فتح، نحو : المَشْرِق، والمَغْرِب، والمنْسِك، والمسْكِن، والمحْشِر، والمسْقِط.
قال القرطبي :« حكي في ذلك كله الفتح والكسر ».
وهل هما مصدران أو المفتوح مصدر، والمكسور مكان؟ خلاف، وعلى كل تقدير، فالقياس في الفعل مطلقاً مما ضمت عين مضارعه أو فتحت فتح العين، وإنما يقع الفرق في المكسور العين الصحيح، نحو :« يضرب ».
فصل في تعيين ليلة القدر
اختلفوا في تعيين ليلة القدر، فالأكثرون على أنها ليلة سبع وعشرين، لحديث أبيٍّ ابن كعب : أنها في العشر الأواخر، وأنَّها ليلةُ سبعٍ وعشرين.
قال رسول الله ﷺ :« مَنْ كَانَ مُتَحَرِّياً لليلة القدرِ فَلْيَتَحَرَّهَا في ليلة سبعٍ وعشرين ».
وقال أبيُّ بن كعب : سَمعتُ رسول الله ﷺ يقول :« لَيلَةُ القَدرِ سَبعٍ وعشْرينَ ».
وقال أبو بكر الوراق : كرر ذكرها ثلاث مرات، وهي تسعة أحرف، فيكون سبعة وعشرين.
وقال عبيد بن عمير : كنت ليلة السابع والعشرين في البحر فأخذت من مائة، فوجدته عذباً سلسلاً.
وقال أبو هريرة وغيره : هي في ليلة السنة كلها، وإليه ذهب أبو حنيفة، وعنه أنها رفعت، وأنها إنما كانت مرة واحدة قال الخليل : من قال : إن فضلها لنزول القرآن [ يقول ] انقطعت، والجمهور على أنها في كل عام من رمضان، ثم اختلفوا.
فقيل : هي ليلة إحدى وعشرين، وإليه مال الشافعي - رضي الله عنه - لحديث الماء والطين.
وقيل : ليلة الثالث والعشرين لما روى ابن عمر - رضي الله عنه - « أنَّ رجلاً قال : يا رسول الله، إني رأيتُ ليلة القدر في سابعة تبقى، فقال النبي ﷺ :» أرَى رُؤيَاكُمْ قَدْ تَواطَأتْ عَلى ثَلاثٍ وعِشريْنَ، فَمَنْ أرَادَ أن يقُومَ مِنَ الشَّهرِ شَيْئاً فليَقُمْ لَيْلَةَ ثلاثٍ وعِشْريْنَ « ».
وقيل : ليلة خمس وعشرين، لما روى مسلم عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله ﷺ قال :