قال الزمخشري : ويجوز أن يراد بالنَّقع : الصياح، من قوله ﷺ :« لَمْ يكُنْ نَقعٌ ولا لَقلَقةٌ ».
وقول لبيد :[ الرمل ]
٥٢٧٧- فَمتَى يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ... أي : فهيجن في المغار عليهم صياحاً وجلبة.
وقال أبو عبيد : وعلى هذا رأيت قول أكثر أهل العلم، انتهى. فعلى هذا تكون الباء بمعنى « في » ويعود الضمير على المكان الذي فيه الإغارة، كما تقدم.
وقال الكسائيُّ : قوله :« نقْعٌ ولا لقْلقَةٌ » النّقع : صنعة الطعام، يعني في المأتم يقال منه : نقعت أنقع نقعاً. قال أبو عبيد : ذهب بالنقع إلى النقيعة، وإنما النقيعة عند غيره من العلماء : صنعة الطعام عند القدوم من سفر، لا في المأتم.
وقال بعضهم : يريد عمرو بالنقع وضع التراب على الرأس فذهب إلى أن النقع هو التراب.
قال القرطبي : ولا أحسب عمراً ذهب إلى هذا، ولا خافه منهن، وكيف يبلغ خوفه ذا، وهو يكره لهن القيام، فقال : وهو الذي لا أدري ما هو من الحديث ولا أعرفه، وليس النقع عندي في هذا الحديث إلا الصوت الشديد، وأما اللَّقلقة : فشدة الصوت، ولم أسمع فيه اختلافاً.
[ قال محمد بن كعب القرظي : النقع بين « مزدلفة » إلى « منى ».
وقيل : إنه طريق الوادي، ولعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع.
وفي « الصحاح » النقع الغبار، والجمع : النقاع والنقع محبس الماء، وكذلك ما اجتمع في البئر منه.
وفي الحديث : أنه نهى أن يمنع نقع البئر.
والنقع : الأرض الحرة الطين يستنقع فيها الماء، والجمع : نقاع وأنقع، مثل : بحار وبحر وأبحر ].
قوله :﴿ فَوَسَطْنَ ﴾. العامة على تخفيف السين.
وفي الهاء في « به » أوجه :
أحدها : أنها للصبح.
والثاني : أنها للنَّقع، أي : وسطن النقع الجمع، أي : جعلن الغبار وسط الجمع. والباء للتعدية، وعلى الأول هي ظرفية.
الثالث : الباء للحالية، أي فتوسطن ملتبساً بالنقع، أي : بالغبار، جمعاً من جموع الأعداء.
وقيل : الباء مزيدة نقله أبو البقاء.
و « جَمْعاً » على هذه الأوجه : مفعول به.
الرابع : أن المراد ب « جمع » « المزدلفة » وهي تسمى جمعاً، والمراد : أن الإبل تتوسط جمعاً الذي هو « المزدلفة »، كما مرَّ عن أمير المؤمنين فالمراد بالجمع مكان، لا جماعة الناس، كقول صفية :[ الوافر ]
٥٢٧٨- فَلا والعَاديَاتِ غَداةَ جَمْعٍ... وقول بشر بن أبي خازم :[ الكامل ]
٥٢٧٩- فَوَسَطْنَ جَمعهُمُ وأفْلتَ حَاجبٌ | تَحْتَ العَجاجَةِ في الغُبَارِ الأقْتَمِ |