وقرأ زيد بن علي :« يَوْمُ » بالرفع، خبراً لمبتدأ محذوف، أي : وقتها يوم.
قوله :« كالفَراشِ ». يجوز أن يكون خبراً للناقصة، وأن يكون حالاً من فاعل التامة، أي : يؤخذون ويحشرون شبه الفراش، وهو طائر معروف.
وقال قتادة : الفراش : الطَّير الذي يتساقط في النار والسراج، الواحدة : فراشة.
وقال الفراءُ : هو الهمج من البعوض والجراد وغيرهما، وبه يضرب المثل في الطّيش والهوج، يقال : أطيش من فراشة؛ وأنشد :[ البسيط ]
٥٢٨٨- فَراشَةُ الحِلْمِ فِرعَوْنُ العَذابُ وإنْ | يَطلُبْ نَداهُ فَكَلْبٌ دُونَهُ كُلُبُ |
٥٢٨٩- وقَدْ كَانَ أقْوَامٌ رَدَدْتَ قُلوبَهُمْ | عَليْهِمْ وكَانُوا كالفَراشِ مِنَ الجَهْلِ |
٥٢٩٠- طُويِّشٌ من نَفرٍ أطْيَاشِ | أطْيَشُ من طَائرةِ الفَراشِ |
في تشبيه الناس بالفراش مبالغات شتَّى : منها الطيشُ الذي يلحقهم، وانتشارهم في الأرض، وركوب بعضهم بعضاً، والكثرة، والضعف، والذلة والمجيء من غير ذهاب، والقصد إلى الداعي من كل جهة، والتطاير إلى النار؛ قال جريرٌ :[ الكامل ]
٥٢٩١- إنَّ الفَرزْدَقَ ما عَلمْتَ وقوْمَهُ | مِثْلُ الفَرَاشِ غشيْنَ نَارَ المُصْطَلِي |
فأول حالهم كالفراش لا وجه له يتحير في كل وجه، ثم يكون كالجراد، لأن لها وجهاً تقصده والمبثوث : المتفرق المنتشر، وإنما ذكر على اللفظ كقوله تعالى :﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ [ الحاقة : ٧ ].
قال ابن عباس :« كالفَرَاشِ المبثُوثِ » كغوغاء الجراد، يركب بعضها بعضاً، كذلك الناس، يجول بعضهم في بعض إذا بعثوا.
فإن قيل كيف يشبهُ الشيء الواحد بالصغير والكبير معاً، لأنه شبههم بالجراد المنتشر والفراش المبثوث؟.
فالجواب : أما التشبيه بالفرش، فبذهاب كل واحد إلى جهة الآخر، وأما التشبيه بالجراد، فبالكثرة والتتابع، ويكون كباراً، ثم يكون صغاراً.
قوله :﴿ وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش ﴾. أي : الصوف الذي ينفش باليد، أي : تصير هباء وتزول، كقوله تعالى :﴿ هَبَآءً مُّنبَثّاً ﴾ [ الواقعة : ٦ ].
قال أهل اللغة : العهنُ : الصوف المصبوغ. وقد تقدم.