قال طرفة :[ الطويل ]
٤٩٣٨ -.............................. | عَقِيلةُ شَيْخٍ كالوَبِيلِ يَلنْدَدِ |
فصل في الاستدلال بالآية على « القياس »
قال ابن الخطيب : هذه الآية يمكن الاستدلال بها على إثبات القياس، لأن الكلام إنما ينتظم لو قسنا إحدى الصورتين على الأخرى.
فإن قيل هنا : هب أن القياس في هذه الصورة حجة، فلم قلتم : إنه في سائر الصور حجة، حينئذ يحتاج إلى سائر القياسات على هذا القياسِ، فيكون ذلك إثباتاً للقياس بالقياس؟.
قلنا : لا نثبت سائر القياسات بالقياس على هذه الصورة، وإلا لزم المحذور الذي ذكرتم بل وجه التمسك أن نقول : لولا أنه تمهد عندهم أن الشيئين اللذين يشتركان في مناط الحكم ظنّاً يجب اشتراكهما في الحكم، وإلا لما أورد هذا الكلام في هذه الصورة وذلك لأن احتمال الفرق المرجوح قائم هنا، فإنَّ لقائلٍ أن يقول : لعلهم إنما استوجبوا الأخذ الوبيل بخصوصية حال العصيان في تلك الصورة وتلك الخصوصية غير موجودة - هاهنا -، ثم إنه تعالى مع قيام هذا الاحتمال جزم بالتسوية في الحكم [ فهذا الجزم لا بد وأن يقال إنه كان مسبوقاً بتقدير أنه متى وقع اشتراك في المناط الظاهر وجزم الاشتراك في الحكم ]، وإن الفرق المرجوح من أن ذلك المرجوح لخصوص تلك الواقعةِ لا عبرة به لم يكن لهذا الكلام كثير فائدة، ولا معنى لقولنا القياس حجة إلا لهذا.
فصل في معنى شهادة الرسول عليهم
قال ابن الخطيب : ومعنى كون الرسول شاهداً عليهم من وجهين :
الأول : أنه شاهد عليهم يوم القيامة بكفرهم، وتكذيبهم.
الثاني : أن المراد بكونه شاهداً كونه مبيناً للحق في الدنيا ومبيناً لبطلان ما هم عليه من الفكر، لأن الشاهد بشهادته يبين الحق، ولذلك وصفت بأنها بينة، ولا يمتنع أن يوصف ﷺ بذلك من حيث إنه يبين الحق.
قال ابن الخطيب : وهذا بعيد، لأن الله تعالى قال :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس ﴾ [ البقرة : ١٤٣ ] أي : عُدُولاً خياراً، ويكون الرسول عليكم شهيداً، فبين أنه شاهد عليهم في المستقبل لأن حمله الشهادة في الآخرة حقيقة، وحمله على البيان مجاز، والحقيقة أولى من المجاز.
قوله :﴿ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الولدان شِيباً ﴾.
« يوماً » إما منصوب ب « تَتَّقُونَ » على سبيل المفعول به تجوزاً.
وقال الزمخشري :« يوماً مفعول به، أي : فكيف تتقون أنفسكم يوم القيامة وهَوْلَهُ إن بقيتم على الكفر ».
وناقشه أبو حيان فقال :« وتتقون مضارع » اتقى « و » اتقى « ليس بمعنى » وقى « حتى يفسره به و » اتقى « يتعدى إلى واحد و » وقى « يتعدى إلى اثنين، قال تعالى :﴿ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [ الطور : ١٨ ] ولذلك قدره الزمخشريُّ : تقون أنفسكم لكنه ليس » تتقون « بمعنى » تقون «، فلا يعدى تعديته » انتهى.