قال الحسن : لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار، لأن أبا بكر - رضي الله عنه - « لما نزلت هذه الآية، قال : يا رسول الله ﷺ : أرأيت أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم بن التيهان من خبز شعيرٍ، ولحم، وبسر، وماء عذب، أتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي يسأل عنه؟.
قال - ﷺ - »
إنما ذلِكَ للكُفَّارِ « ثم قرأ :﴿ وَهَلْ نجازي إِلاَّ الكفور ﴾ [ سبأ : ١٧ ] ؛ ولأن ظاهر الآية يدل على ذلك لأن الكفار ألهاهم التكاثر بالدنيا، والتفاخر بلذاتها عن طاعة الله، والاشتغال بذكر الله تعالى، يسألهم عنها يوم القيامة، حتى يظهر لهم أن الذي ظنوه لسعادتهم كان من أعظم الأسباب لشقاوتهم.
وقيل : السؤال عام في حق المؤمن، والكافر لقوله ﷺ :»
أوَّلُ ما يُسْألُ العَبْدُ يَوْمَ القِيامَةِ عن النَّعِيمِ، فيقالُ لَهُ : ألَمْ نُصْحِحْ جِسْمكَ؟ ألَمْ نَروِكَ مِنْ المَاءِ البَاردِ «
وقيل : الزائد عما لا بد منه.
وقيل غير ذلك.
قال ابن الخطيب : والأولى على جميع النعيم، لأن الألف واللام تفيد الاستغراق، وليس صرف اللفظ إلى بعض أولى من غيرها إلى الباقي، فيسأل عنها، هل شكرها أم كفرها؟ وإذا قيل : هذا السؤال للكفار.
فقيل : السؤال في موقف الحساب.
وقيل : بعد دخول النار، يقال لهم : إنَّما حل بكم هذا العذاب لاشتغالكم في الدنيا بالنعيم عن العمل الذي ينجيكم، ولو صرفتم عمركم إلى طاعة ربكم لكنتم اليوم من أهل النجاة. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon