قوله :﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ ﴾. « كَعصْفٍ » هو المفعول الثاني للجعل، بمعنى التصيير، وفيه مبالغة حسنة، وهو أنه لم يكفهم أم جعلهم أهون شيء من الزَّرع، وهو ما لا يجدي طائلاً، حتى جعلهم رجيعاً.
والمعنى : جعل الله تعالى أصحاب الفيل كورق الزروع إذا أكله الدواب، فرمت به من أسفل قاله ابن زيد وغيره، والعصف جمع واحده عصفة وعصافة، وأدخل الكاف في « كعصف » للتشبيه مع مثل قوله تعالى :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [ الشورى : ١١ ] ومعنى مأكول أن المراد به قشر البُرّ يعني الغلاف الذي يكون كقشر الحنطة إذا خرجت منه الحبة شبَّه تقطُّع أوصالهم بتفرُّق أجزائه، روي معناه عن ابن زيد، وغيره.
قال ابن إسحاق : لما رج الله الحبشة عن « مكة »، عظمت العرب قريشاً، وقالوا : أهل الله قاتل عنهم، وكفاهم مئونة عدوهم، فكان ذلك نعمةً من الله عليهم.
روى الثَّعلبي عن أبيّ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :« مَنْ قَرَأ سُورَة ﴿ الفيل ﴾ عَافاهُ اللهُ تعَالى حياته مِنَ المسْخِ، والعَدُوِّ » والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon