[ والجواب عن قوله :« فاسم الإشارة غير متمكن » إلى آخره، أن الفرق بينهما أن في الآية الكريمة استفهاماً وهو « أرأيتَ » فحسن أن يفسر ذلك المستفهم منه بخلاف المثال الذي مثل به، فمن ثم حسن التركيب المذكور، وعن قوله :« لأن » فذلك إشارة إلى القائم لا إلى زيد، وإن كان يجوز أن يكون إشارة إليه، وعن قوله :« فلا يسمى جواباً » أن النحاة يقولون : جواب الاستفهام، وهذا قد تقدمه استفهام فحسن ذلك ]، وعن قوله :« والاستفهام لا يدخل إلا على الخبر » بالمعارضة بقوله :﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ ﴾ [ محمد : ٢٢ ] فإن « عسى » إنشاء فما كان جواباً له، فهو جوابٌ لنا.

فصل


قال ابن الخطيب : هذا اللفظ، وإن كان في صورة الاستفهام، لكن الغرض بمثله المبالغة في التعجب كقولك : أرأيت فلاناً ماذا ارتكب.
ثم قيل : إنه خطاب للرسول ﷺ.
وقيل : خطاب لكل عاقل.
قوله :﴿ يَدُعُّ اليتيم ﴾ قرأ العامة : بضم الدَّال، وتشديد العين من « دعَّه » أي : دفعه، وأمير المؤمنين والحسن وأبو رجاء :« يَدعُ » بفتح الدال وتخفيف العين.

فصل


قال الضحاك عن ابن عباس :﴿ فذلِكَ الذي يدعُّ اليَتِيمَ ﴾، أي : يدفعه عن حقه، قال تعالى :﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾ [ الطور : ١٣ ].
[ قال قتادة : يقهره ويظلمه، وقد تقدم في سورة « النساء » أنهم كانوا لا يورثون النساء، ولا الصغار، ويقولون : إنما يجوز المال من يطعن بالسنان ويضرب بالحسام ].
وقال رسول الله ﷺ :« مَنْ ضمَّ يَتِيْماً مِنَ المُسْلمينَ، حَتَّى يَسْتَغْنِي فَقدْ وجَبَتْ لهُ الجَنَّة ».
قوله :﴿ وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين ﴾، أي : لا يأمر به من أجل بخله، وتكذيبه الجزاء، والحساب.
وقرأ زيد بن علي :« ولا يحاضّ » من المحاضة. وقد تقدم في الفجر.
قال القرطبي :« وليس الذم عامًّا حتى يتناول من تركه عجزاً، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم، ويقولون :﴿ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ الله أَطْعَمَهُ ﴾ [ يس : ٤٧ ] فنزلت هذه الآية فيهم، فيكونُ معنى الآية : لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عسروا ».


الصفحة التالية
Icon