وقال القرطبيُّ : ومعنى « به »، أي : فيه، أي : في ذلك اليوم لهوله، هذا أحسن ما قيل فيه، ويقال : مثقلة به إثقالاً يؤدي إلى انفطارها لعظمته عليها، وخشيته من وقوعها، كقوله تعالى :﴿ ثَقُلَتْ فِي السماوات والأرض ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ]، وقيل :« به »؛ أي : له، أي : لذلك اليوم، يقال : فعلت كذا بحرمتك، أو لحرمتك، والباء واللام وفي متقاربه في مثل هذا الموضع، قال الله تعالى :﴿ وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة ﴾ [ الأنبياء : ٤٧ ]، أي : في يوم القيامة، وقيل :« به » أي بالأمر، أي : السماء منفطر بما يجعل الولدان شيباً.
وقيل : السَّماءُ منفطر بالله، أي : بأمره. وإنما لم تؤنث الصفة لوجوه منها :
قال أبو عمرو بن العلاء : لأنها بمعنى السقفِ تقول : هذا سماء البيت، قال تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا السمآء سَقْفاً مَّحْفُوظاً ﴾ [ الأنبياء : ٣٢ ].
ومنها : أنها على النسب، أي : ذات انفطار، نحو : امرأة مرضع وحائض، أي : ذات إرضاع، وذات حيض.
ومنها أنها تذكر، وتؤنث؛ أنشد الفراء :[ الوافر ]
٤٩٤١ - فَلوْ رَفَعَ السَماءُ إليْه قَوماً | لخُضْنَا بالسَّماءِ وبالسَّحَابِ |
ولهذا قال أبو علي الفارسي : هو كقوله :﴿ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ﴾ [ القمر : ٧ ] و ﴿ الشجر الأخضر ﴾ [ يس : ٨٠ ] و ﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾ [ القمر : ٢٠ ] يعني : فجاء على أحد الجائزين.
وقيل : لأن تأنيثها ليس بحقيقي، وما كان كذلك جاز تذكيره وتأنيثه؛ قال الشاعر :[ البسيط ]
٤٩٤٢ -......................... | والعَيْنُ بالإثْمِدِ الحَارِيِّ مَكحُولُ |
فصل في المراد بالوعد
قال المفسرون : كان وعده بالقيامة والحساب والجزاء مفعولاً كائناً لا محالة ولا شك فيه ولا خلاف، وقال مقاتل : كان وعده بأن يظهره دينه على الدين كله.
قوله :﴿ إِنَّ هذه تَذْكِرَةٌ ﴾، أي : هذه السورة والآيات عظة، وقيل : آيات القرآن إذ هو كالسورة الواحدة ﴿ فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾ ؛ لأن هذه الآيات مشتملة على أنواع الهداية، والإرشاد، فمن شاء أن يؤمن، ويتخذ بذلك إلى ربِّه سبيلاً، أي : طريقاً إلى رضاه، ورحمته فليرغب، فقد أمكن له؛ لأنه أظهر له الحجج، والدلائل.
قيل : نسخت بآية السيف، وكذلك قوله تعالى :﴿ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ ﴾.
قال الكلبيُّ : والأشبه أنه غير منسوخٍ.