قوله :﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾، ﴿ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ حال، أي : ملتبساً بحمده.
قال ابن الخطيب : إنه - تعالى - أمره ﷺ بالتسبيح، ثم بالحمد، ثم بالاستغفار، والفائدة فيه أن تأخير النصر سنين، مع أن محمداً ﷺ كان على الحقّ، مما يثقل على القلب، ويقع في القلب أني إذا كنت على الحق فلم لا ينصرني، ولو سلطت على هؤلاء الكفار. فلأجل الاعتذار عن هذا الخاطر، أمر بالتسبيح أما على قولنا : فالمراد من هذا التنزيه، أنه تعالى منزَّه عن أن يستحق عليه أحد شيئاً [ بل كل ما يفعله بحكم المشيئة الإلهية، فله أن يفعل ما شاء كما يشاء، ففائدة التسبيح : تنزيه الله تعالى عن أن يستحق عليه أحد شيئاً ].
وأما على قول المعتزلة، ففائدة التنزيه : هو أن يعلم العبد أن تنزيه اللهِ تعالى عما لا يليق ولا ينبغي بسبب المصلحة، لا بسبب ترجيح الباطل على الحق، ثم إذا فرغ العبد من تنزيه الله، فحينئذ يشتغل بحمده على ما أعطاه من الإحسان والبر، ثم حينئذ بالاستغفار بذنوب نفسه.
فصل في معنى الآية
قال المفسرون :﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واستغفره ﴾ أي : إذا صليت، فأكثر من ذلك.
وقيل : معنى « سَبِّحْ » صلِّ، قاله ابن عبَّاس رضي الله عنهما.
[ وقوله :﴿ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ حامداً له على ما آتاك من الظفر، والفتح، واستغفره أي : سلوا الله الغفران.
وقيل : فسبح أي : المراد به التنزيه، أي : نزهه عما لا يجوز عليه، مع شكرك له، وبالاستغفار، ومداومة الذكر ].
وروي في « الصحيحين » عن عائشة - رضي الله عنها - « قالت : ما صلى رسول الله ﷺ صلاة بعد أن نزلت سورة ﴿ إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح ﴾ إلا يقولُ فيها : سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدِكَ اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي ».
وقالت أم سلمة - رضي الله عنها - :« كان النبي ﷺ آخر أمره لا يقوم، ولا يقعد، ولا يجيء، ولا يذهب إلاَّ قال :» سُبحانَ اللهِ وبحَمدهِ، أسْتغْفِرُ الله، وأتوبُ إليه « قال :» فإنِّي أمرتُ بِهَا «، ثم قرأ :﴿ إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح ﴾ »