وقيل : اسمه أبو لهب، كما سمي أبو سفيان، وأبو طالب.
وقال الزمخشريُّ : فإن قلت : لم أكناه، والكنية تكرمه؟.
ثم ذكر ثلاثة أجوبة : إما لشهرته بكنيته، وإما لقبح اسمه كما تقدم، وإما لتجانس قوله :« ناراً ذات لهبٍ » لأن مآله إلى لهب جهنم. انتهى.
وهذا يقتضي أن الكنية أشرف، وأكمل لا أنقص، وهو عكس القول الذي تقدم آنفاً.
وقرئ :« يَدَا أبُو لهبٍ » بالواو مكان الجر.
قال الزمخشري :« كما قيل : علي بن أبو طالب، ومعاوية بن أبو سفيان، لئلاَّ يغير منه شيء، فيشكل على السامع، ولفليتة بن قاسم أمير » مكة « ابنان : أحدهما :» عبدِ الله « بالجر، والآخر » عبدَ الله « بالنصب ».
ولم يختلف القراء في قوله :« ذَات لهب » أنها بالفتح. والفرق أنها فاصلة، فلو سكنت زال التشاكل.
[ قال قتادة : تبت خسرت.
وقال ابن عباس : خابت.
وقال عطاء : ضلت.
وقال ابن جبير : هلكت. وقال يمان بن رئاب : صفرت من كل خير ].

فصل في نزول الآية


حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء، أنه لما قتل عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سمع الناس هاتفاً يقول :[ مجزوء الوافر ]
٥٣٤٤- لَقدْ خَلَّوكَ وانْصَرفُوا... فَمَا آبُوا وَلا رَجعُوا
ولَمْ يُوفُوا بِنذْرِهِمُ... فَيَا تَبًّا لِمَا صَنَعُوا

فصل في نزول السورة


روى البخاري ومسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - :« لما نزلت :﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين ﴾ [ الشعراء : ٢١٤ ] خرج رسول الله ﷺ حتَّى صعد الصَّفا، فهتف : يا صباحاه فقالوا : من هذا الذي يهتف؟.
قالوا : محمد، فاجتمعوا إليه، فقال :»
يَا بَنِي فُلانٍ يَا بَنِي فُلانِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنافٍ، يا بني عبد المُطَّلب «، فاجتمعوا إليه : فقال :» أرَأيْتُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلاً تَخرجُ بسفحِ هذا الجَبلِ، أكُنْتُمْ مُصدِّقِيّ «؟.
قالوا : ما جرَّبنا عليك كذباً، قال :»
فإنِّي نذيرٌ لكُم بينَ يدي عذاب شديدٍ «، فقال أبُو لهبٍ : تبَّا لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام فنزلت هذه السورة ».
وفي رواية : لما سمعت أمرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن، أتت رسول الله ﷺ وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - وفي يدها فهر من حجارة، فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله ﷺ فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت : يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربتُ بهذا الفهر فاهُ؛ والله إني لشاعرة :[ منهوك الرجز ]
٥٣٤٥- مُذمَّماً عَصيْنَا... وأمْرهُ أبَيْنَا
ودِينَهُ قَلَينَا... ثم انصرفت، فقال أبو بكر : يا رسول الله « أما تراها رأتك؟ قال :» مَا رأتْنِي لقَدْ أخَذَ اللَّهُ بَصرهَا عَنِّي «.


الصفحة التالية
Icon