وقيل : إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان، والصبح، والحب، والنوى وكل شيء من نبات وغيره. قاله الحسن وغيره.
قال الضحاك : الفلق : الخلق كله، قال :[ الرجز ]
٥٣٦٤- وسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصاً ربِّ الفَلق | سِرَّا وقَدْ أوَّنَ تَأوين العَقَقْ |
[ والفلق مقطرة السمّان، فأما الفِلق بالكسر فهو الداهية، والأمر العجيب يقال منه : أفلق الرجل وافتلق، وشاعر مفلق، وقد جاء بالفلق؛ قال الشاعر :[ الرجز ]
٥٣٦٥- واعجَبَاً لِهَذِهِ الفَليقهْ | هَلْ يُذْهِبَنَّ القُوَبَاءَ الريقَهْ |
قوله :﴿ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾، متعلق ب » أعوذ «، والعامة : على إضافة » شرِّ « إلى » ما «، وقرأ عمرو بن فايد :» مِنْ شرِّ « بالتنوين.
وقال ابن عطية : وقرأ عمرو بن عبيد وبعض المعتزلة الذين يرون أن الله لم يخلق الشَّر :» مِنْ شرِّ « بالتنوين، » مَا خلقَ « على النفي وهي قراءةٌ مردودةٌ مبنيةٌ على مذهب باطل انتهى.
ولا يتعين أن تكون » ما « نافية، بل يجوز أن تكون موصولة بدلاً من » شرِّ « على حذف مضاف، أي : من شر شر ما خلق، عمم أولاً، ثم خصص ثانياً.
وقال أبو البقاء : و » ما « على هذا بدل من » شر «، أو زائدة، ولا يجوز أن تكون نافية؛ لأن النافية، لا يتقدم عليها ما في حيزها، فلذلك لم يجز أن يكون التقدير : ما خلق من شر، ثم هو فاسد في المعنى. وهو رد حسن صناعي، ولا يقال : إن » مِنْ شرِّ « متعلق ب » أعُوذُ « وقد أنحى مكي على هذا القائل، ورده بما يقدم.
و » ما « مصدرية، أو بمعنى » الذي «.
فصل في المقصود بشر ما خلق
روى عطاء عن ابن عباس : يريد إبليس خاصة؛ لأن الله تعالى لم يخلق أشرَّ منه، وأن السورة إنما نزلت في الاستعاذة من السِّحر، وذلك إنَّما يتم بإبليس وجنوده، لعنهم الله، وقيل : جهنم وما خلق فيها.
وقيل : عام؛ أي من شر كل ما خلقه الله وقيل : ما خلق الله من الأمراض، والأسقام [ والقحط ] وأنواع المِحَنْ.
وقال الجبائي والقاضي : هذا التقييد باطل؛ لأن فعل الله - تعالى - لا يجوز أن يوصف بأنه شر؛ لأن الذي أمر بالتعوذ منه هو الذي أمر به، وذلك متناقض؛ لأن أفعاله - تعالى - كلها حكمة وصواب، فلا يجوز أن يقال : شرّ.