، ولو كان فرضاً ما أقره النبي ﷺ ولا أخبر بمثل هذا الخبر عنه، بل كان يذمه غاية الذم.
فصل في القدر الذي يقرأ به في صلاته
إذا ثبت أنَّ قيام الليل ليس بفرض، وأن قوله ﴿ فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرآن ﴾، ﴿ فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ محمول على ظاهره من القراءة في الصلاة، فاختلف العلماء في قدر ما يلزمه أن يقرأ به في الصلاة.
فقال مالك والشافعيُّ : فاتحة الكتاب لا يجوز العدول عنها ولا الاقتصار على بعضها، وقدره أبو حنيفة بآية واحدة من أي القرآن كانت، وعنه ثلاث آياتٍ لأنها أقل سورة، وقيل المراد به قراءة القرآن في غير الصلاة.
قال الماورديُّ : فعلى هذا القول يكون مطلق الأمر محمولاً على الوجوب ليقف بقراءته على إعجازه وما فيه من دلائل التوحيد، وبعث الرسل، ولا يلزمه إذا قرأه وعرف إعجازه، ودلائل التوحيد أن يحفظه؛ لأن حفظ القرآن من القرب المستحبة دون الواجبة والأكثرون على أنه للاستحباب، لأنه لو وجب علينا قراءته لوجب حفظه. وفي قدر الواجب أقوال :
الأول : قال الضحاكُ : جميع القرآن، لأن الله تعالى يسره على عباده.
الثاني : قال جويبر : ثلث القرآن.
الثالث : قال السديُّ : مائتا آية.
الرابع : قال ابن عباسٍ : مائة آية.
الخامس : قال أبو خالد الكناني : ثلاث آياتٍ كأقصر سورة.
قوله ﴿ وَأَقِيمُواْ الصلاة ﴾، يعني الخمس المفروضة، وهي الخمس لوقتها، ﴿ وَآتُواْ الزكاة ﴾ الواجبة في أموالكم.
قاله عكرمة وقتادة، وقال الحارث العكلي : صدقة الفطر، لأن زكاة الأموال وجبت بعد ذلك، وقيل : صدقة التطوع.
وقيل : كل فعل خير.
وقال ابن عباسٍ : طاعة الله الإخلاص.
قوله :﴿ وَأَقْرِضُواُ الله قَرْضاً حَسَناً ﴾. القرض الحسن ما أريد به وجه الله تعالى خالصاً من المال الطيب وقال زيد بن أسلم : القرض الحسن، النفقة على الأهل، وقيل : صلةُ الرَّحمِ، وقرى الضيف، وقال عمر بن الخطاب : هو النفقة في سبيل الله.
قوله :﴿ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ الله ﴾ تقدم بيانه في سورة « البقرة ».
قوله :﴿ هُوَ خَيْراً ﴾، العامة على نصب الخير مفعولاً ثانياً، و « هُوَ » إما تأكيد للمفعول الأول، أو فصل.
وجوَّز أبو البقاء : أن يكون بدلاً، وهو غلط، لأنه كان يلزم أن يطابق ما قبله في الإعراب فيقال : إياه.
وقرأ أبو السمال وابن السميقع :« خير » على أن يكون « هو » مبتدأ، و « خير » خبره، والجملة مفعول ثان ل « تَجِدُوه ».
قال أبو زيد : هي لغة تميم، يرفعون ما بعد الفصل.
وأنشد سيبويه :[ الطويل ]
٤٩٤٣ - تَحِنُّ إلى لَيْلَى وأنْتَ تَرَكْتَها | وكُنْتَ عَليْهَا بالمَلا أنْتَ أقْدَرُ |