قال ابن الأثير : الدرمك : هو الدقيق الحوارى.
قال القرطبيُّ : الصحيح - إن شاء الله - أن هؤلاء التسعة عشر، هم الرؤساء، والنقباء، وأما جملتهم فكما قال تعالى :﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ ﴾ [ المدثر : ٣١ ]، وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :« يُؤتَى بجَهنَّم يَومئِذٍ، لها سبعُونَ ألفَ زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يَجُرُّونهَا ».
وقال ابن عباس وقتادة والضحاك : لما نزل قوله - تعالى - ﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم، أسمعُ ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة جهنم :« تسعة عشر » وأنتم الدهماء - أي العدد العظيم - والشجعان، فيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم.
قال السدي : فقال أبو الأسود بن كلدة الجمحي : لا يهولنكم التسعة عشر، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة وبمنكبي الأيسر التسعة، ثم تمرون إلى الجنة، يقولها مستهزءاً.
وفي رواية : أن الحارث بن كلدة قال : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فلما قال أبو الأسود ذلك، قال المسلمون : ويحكم، لا يقاس الملائكة بالحدادين، فجرى هذا مثلاً في كل شيئين لا تساوي بينهما، ومعناه : لا يقاس الملائكة بالسجّانين، والحداد : السجان.
فصل في تقدير عدد الملائكة
ذكر أرباب المعاني في تقدير هذا العدد وجوهاً :
منها ما قاله أرباب الحكمةِ : أنّ سبب فساد النفس الإنسانية في قوتها النظرية والعملية، هو القوى الحيوانية والطبيعية، فالقوى الحيوانية : فهي الخمسة الظاهرة، والخمسة الباطنة، والشَّهوة، والغضب فهذه اثنا عشر، وأما القوى الطبيعية : فهي الجاذبة، والماسكة، والهاضمة، والدافعة والعادية، والنافية، والمولدة، فالجموع تسعة عشر، فلما كانت هذه منشآت الآفات لا جرم كان عدد الزبانية هكذا.
ومنها : أن أبو جهنم سبعة، فستة منها للكفار وواحد للفسَّاق، ثم إنَّ الكفَّار يدخلون النار لأمور ثلاثة : ترك الاعتقاد، وترك الإقرار، وترك العمل، فيكون لكل باب من تلك الأبواب الستة ثلاثة، فالمجموع : ثمانية عشر.
وأما باب الفساق : فليس هناك إلا ترك العمل، فالمجموع : تسعة عشر مشغولة بغير العبادة، فلا جرم صار عدد الزبانية تسعة عشر.