قال أبو عمرو : وهي لغة قريش.
قوله تعالى :﴿ والصبح إِذَآ أَسْفَرَ ﴾. أي أضاء، وفي الحديث :« أسِفرُوا بالفَجْرِ ».
ومنه قوله تعالى :﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ﴾ [ عبس : ٣٨ ].
وقرأ العامة :« أسْفَرَ » بالألف وعيسى بن الفضل وابن السميفع :« سَفَر » ثلاثياً.
والمعنى : طرح الظُّلمة عن وجهه على وجه الاستعارة، وهما لغتان.
ويقال : سَفَرَ وجه فلان إذا أضاء، وأسفر وجهه حسناً : أي أشرق، وسفرت المرأة، أي كشفت عن وجهها، فهي سافرة.
قال القرطبي : ويجوز أن يكون سَفَرَ الظلام، أي كنسه، كما يسفر البيت أي : يُكنس، ومنه السفير، لما يسقط من ورق الشجر ويتحاتّ، يقال : إنما سمي سفيراً لأن الريح تُسْفره، أي : تكنسه، والمُسفرة : المكنسة «.
قوله :﴿ إِنَّهَا ﴾. أي : إن النار.
وقيل : إن قيام الساعة كذا حكاه أبو حيان. وفيه شيئان : عوده على غير مذكور، وكونُ المضاف اكتسب تأنيثاً.
وقيل : إنه النذارة، وقيل : هي ضمير القصّة، وهذا جواب القسم وتعليل ل »
كَلاَّ « والقسم معترض للتوكيد. قاله الزمخشري.
قال شهاب الدين :»
وحينئذ يحتاج إلى تقدير جوازه، وفيه تكلف وخروج عن الظاهر «.
قوله :﴿ لإِحْدَى الكبر ﴾. قرأ العامَّةُ :»
لإحْدَى الكُبَر « بهمزة، وأصلها واو من الوحدة.
وقرأ نصر بن عاصم، وابن محيصن، ويروى عن ابن كثير :»
لَحدى « بحذف الهمزة.
وهذا من الشُّذوذ بحيث لا يقاس عليه.
وتوجيهه : أن يكون أبدالها ألفاً ثُمَّ حذف الألف لالتقاء الساكنين، وقياس تخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بَيْنَ بَيْنَ.
قال الواحدي : ألف إحدى مقطوع لا تذهب في الوصل و »
الكُبَر « : جمع » كُبْرَى « ك » الفُضَل « جمع » فُضْلَى «.
قال الزمخشري :»
الكُبَر : جمع الكُبْرى «. جعلت ألف التأنيث كتاء التأنيث، فكما جمعت » فُعْلة « على » فُعَل « جمعت » فُعْلى « عليها، ونظير ذلك :» السَّوافِي « في جمع » السَّافِيَاء « وهو التراب التي تسفّه الريح، و » القَواصع « في جمع » القَاصِعَاء « كأنها جمع » فاعلة « قاله ابن الخطيب

فصل في معنى الآية


معنى »
إحْدَى الكُبَرِ « أي إحدى الدواهي، قال :[ الرجز ]
٤٩٧١ - يَا ابْنَ المُعلَّى نزَلتْ إحْدَى الكْبَرْ دَاهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمَّاءُ الغِيَرْ
ومثله : هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء، لمن يستعظمونه. والمراد من »
الكبر « دركات جهنم، وهي سبعة : جَهَنَّم، ولَظَى، والحطمة، والسَّعير، والجَحِيم، والهَاوية، وسَقَر. أعاذنا الله منها.
وفي تفسير مقاتل :»
الكُبَر « اسم من أسماء النار.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما »
إنها « أي إن تكذيبهم بمحمد ﷺ » لإحْدَى الكُبَر « أي : الكبيرة من الكبائر.
قوله :﴿ نَذِيراً ﴾. فيه أوجه :
أحدها : أنه تمييز من »
إحدى « لما ضمنت معنى التعظيم، كأنه قيل : أعظم الكبر إنذاراً، ف » نذير « بمعنى » الإنذار « كالنكير بمعنى الإنكار، كأنه قيل : إنها لإحدى الدواهي إنذاراً، ومثله : هي إحدى النساء عفافاً.


الصفحة التالية
Icon