قال ابن الخطيب :« وهذان يجب أن يكونا محمولين على الصلاة الواجبة، والزكاة؛ لأن ما ليس بواجب لا يجوز أن يعذَّبوا على تركه ».
﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخآئضين ﴾، أي : في الأباطيل.
وقال ابن زيد :﴿ نَخُوضُ مَعَ الخآئضين ﴾ في أمر محمد ﷺ وهو قولهم - لعنهم الله - : إنه ساحر، كاهن، مجنون، شاعر كذبوا - والله - لم يكن فيه شيءٌ من ذلك ﷺ.
وقال قتادة : كلما غوى غاوٍ غوينا معه.
وقيل : معناه : كنا أتباعاً ولم نكن متبوعين، وقولهم :﴿ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدين ﴾ أي : نكذّب بيوم القيامة، يوم الجزاء والحكم.
﴿ حتى أَتَانَا اليقين ﴾ أي : جائنا الموت، قال الله تعالى :﴿ حتى يَأْتِيَكَ اليقين ﴾ [ الحجر : ٩٩ ].
وهذه الآية تدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
فإن قيل : لم أخر التكذيب وهو أفحش تلك الخصال الأربع؟.
فالجواب : أريد أنهم بعد اتصافهم بتلك الأمور الثلاثة كانوا مكذِّبين بيوم الدين، والغرض تعظيم هذا الذنب كقوله تعالى :﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ ﴾ [ البلد : ١٧ ].
قوله :﴿ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشافعين ﴾ ؛ كقوله :[ الطويل ]

٤٩٧٣ - عَلَى لاَحِبٍ لا يُهتَدَى بِمنَارِهِ ........................
في أحد وجهيه، أي : لا شفاعة لهم فلا انتفاع بها، وليس المراد أن ثمَّ شفاعةً غير نافعة كقوله تعالى :﴿ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى ﴾ [ الأنبياء : ٢٨ ] الآية.
وهذه الآية تدلُّ على صحة الشفاعة للمذنبين من هذه الأمة بمفهومها؛ لأن تخصيص هؤلاء بأنهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين يدلُّ على أن غيرهم تنفعهم شفاعة الشافعين.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : يشفع نبيكم ﷺ رابع أربعة : جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى، أو عيسى، ثم نبيكم ﷺ ثم الملائكة، ثم النبيون، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ويبقى قوم في جهنم، فيقال لهم :﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ ؟ قالوا : لم نك من المصلين، إلى قوله :﴿ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشافعين ﴾.
قال عبد الله بن مسعود : فهؤلاء الذين في جهنم.


الصفحة التالية
Icon