وقيل : المراد آدم - صلوات الله وسلامه عليه - لم يزل لائماً لنفسه على معصيته التي أخرج بها من الجنة.
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنها الملومة، فتكون صفة ذمٍّ، وهو قول من نفى أن يكون قسماً وعلى الأول : صفةُ مدحٍ فيكون القسم بها سائغاً.
وقال مقاتل : هي نفس الكافر يلوم نفسه ويتحسَّر في الآخرة على ما فرط في جنبِ الله تعالى.
قوله :﴿ أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن ﴾. هذه « أن » المخففة وتقدم حكمها في « المائدة » و « أن » وما في حيِّزها في موضع الجرِّ، والفاصل هنا حرف النَّفي، وهي وما في حيِّزها سادَّةٌ مسدّ مفعولي « حَسِب » أو مفعوله على الخلاف.
والعامَّة : على « نَجْمَعَ » بنون العظمة، و « عِظامهُ » نصب مفعولاً به.
وقتادة :« تُجْمع » بتاءٍ من فوقُ مضومةٍ على ما لم يسم فاعله؛ « عظامه » رفع لقيامه مقام الفاعل.
فصل في جواب هذا القسم
قال الزجاج : أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة ليجمعنَّ العظام للبعث، فهذا جواب [ القسم.
وقال النحاس : جواب ] القسم محذوف، أي : لنبعثن.
والمراد بالإنسان : الكافر المكذب بالبعث.
قيل :« نزلت في عدي بن ربيعة قال للبني ﷺ حَدِّثنِي عن يَومِ القِيامةِ مَتَى تكُونُ، وكَيْفَ أمْرهَا وحَالُهَا؟ فأخْبرَهُ النَّبيُّ ﷺ، فقال : لَوْ عَايَنْتُ ذلكَ اليَوْمَ لَمْ أصَدِّقكَ يا مُحمَّدُ ولَمْ أومِنْ بِه، أو يَجْمَعُ اللَّهُ العِظامَ؟ ولهذا كان النبيُّ ﷺ يقول :» اللَّهُمَّ اكفِنِي جَارَي السُّوءِ عدَيَّ بن ربيعَة، والأخنس بنَ شَريقٍ «.
وقيل : نزلت في عدو الله أبي جهل حين أنكر البعث بعد الموت، وذكر العظام، والمراد نفسه كلها؛ لأن العظام قالب الخلق.
وقيل : المراد بالإنسان : كل من أنكر البعث مطلقاً.
قوله :﴿ بلى ﴾ إيجاب لما بعد النفي المنسحب عليه الاستفهام، وهو وقف حسن، ثم يبتدىء » قَادِرين «، ف » قَادِرين « حال من الفاعل المضمر في الفعل المحذوف على ما ذكرنا من التقدير.
وقيل : المعنى بل نجمعها نقدر قادرين.
قال الفراء :» قادرين « نصب على الخروج من » نَجْمعَ « أي نقدر ونقوى » قادرين « على أكثر من ذلك.
وقال أيضاً : يَصْلُح نصبُه على التكرير، أي : بلى فليحسبنا قادرين.
وقيل : المضمر » كنا « أي : كنا قادرين في الابتداء، وقد اعترف به المشركون.
وقرأ ابن أبي عبلة وابن السميفع :» قادرون « رفعاً على خبر ابتداء مضمر، أي » بلى « نحن » قادرون « ﴿ على أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾ والبنانُ عند العرب : الأصابع، واحدُها بنانةٌ؛ قال عنترة :[ الوافر ]
٤٩٨٥ - وأنَّ المَوْتَ طَوْعُ يَدِي إذَا مَا | وصَلْتُ بَنانَهَا بالهِنْدُوَانِي |