وقال ابن عباس رضي الله عنهما : بعث الله سحابة على قدر الكَعْبَة، وذهب إبراهيم ﷺ في ظلها إلى أن وافت « مكة » فوقعت على موضع البيت، فنودي منها يا إبراهيم ابْنِ على ظلها ولا تزل ولا تنقص.
[ وقيل : أرسل الله جبريل ﷺ ليدله على موضع البيت قال ابن عباس رضي الله عنهما : بُنِي البيت من خسمة أجبل : طوزر سيناء، وطور زيتا، ولبنان جبال بالشام، والجودي : جبل بالجزيرة وقواعده من حراء جبل بمكة المشرفة، فلما انتهى لموضع الحجر قال لإسماعيل ﷺ يطلبه فصاح أو قُبيس : يا إبراهيم إنّ لك عندي وديعة فخذها، فأخذ الحجر الأسود، فوضعه مكانه.
وقيل : إن الله تبارك وتعالى بنى البيت المعمور في السماء، وسمي « صراح »، وأمر الملائكة أن يبنوا الكعبة في الأرض بحياله على قدره وبقية الكلام على البيت يأتي في سورة « الحج » ‘إن شاء الله تعالى والله أعلم ].
قوله :« من البيت » فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق ب « يرفع » ومعناها اتبداء الغاية.
والثاني : أنها في محل نصب على الحال من « القواعد »، فيتعلّق بمحذوف تقديره : كائنة في البيتن ويكون معنى « من » التبعيض [ روى ابن كثير رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما، « أن القواعد حجارة كأسنمة البخت بعضها من بعض، وحكى عن رجل من قريش ممن كان يهدمها أدخل عتلة بين حجرين منها؛ ليخرج بها أحدهما، فتحركا تحرك الرجل، فانتفضت مكة بأسرها، فانتهوا عن ذلك الأساس ».
وقيل : أبصر القوم برقة، كادت تخطلف بصر الرجل فبرأ الرجل من يدهن فوقع في موضعه، فتركوه ورجعوا إلى بنيانهم ].
قوله :« وَإٍسْمَاعيِلُ » فيه قولان :
أحدهما : وهو الظاهر أنه عطف على « إبراهيم » ن فيكون فاعلاً مشاركاً في الرفع، ويكون قوله :﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ ﴾ في محلّ نصب بإضمار القول، ذلك القول في محل نصب على الحال منهما، أي : يرفعان يقولان : ربنا تقبل، ويؤيد هذا قراءة عبدالله بإظهار فعل القول، وقرأ :« يَقُولاَنِ : رَبَّنَا تَقَبَّشلْ » أي : قائلين ذلك، ويجوز ألا يكون هذا القول حالاً، بل هو جملة معطوفة على ما قبلها، ويكون هو العامل في « إذ » قبله، والتقدير : يقولان : ربنا تقبل إذ يرفعان، أي : وقت رفعهما.
والثَّاني : الواو [ واو الحال ]، و « إسماعيل » مبتدأ وخبره قول محذوف هو العامل في قوله :« رَبَّنَا تَقَبَّلْ » فيكون إبراهيم هو الرَّافع، وإسماعيل هو الدَّاعي فقط، قالوا : لأن إسماعيل كان حينئذ طفلاً صغيراً، ورَوَوْه عن علي رضي الله عنه والتقدير إذ يرفع إبراهيم حال كون إسماعيل يقول : ربنا تقبل منّا.


الصفحة التالية
Icon