وقال أبو عثمان النهدي : إني لأعلم الساعة التي يذكرون منها.
قيل : ومن أين تعلمها؟ قال : اتقوا الله تعالى :﴿ فَاذْكُرُونِي أّذْكُرْكُمْ ﴾.
قوله :﴿ واشكروا لِي ﴾.
تقدم أن « شَكَر » يتعدّى تارة بنفسه، وتارة بحرف جر على حد سواء على الصحيح.
وقال بعضهم : إذا قلت : شكرت لزيد، فمعناه شكرت لزيد صَنِيْعَهُ، فجعلوه متعدياً لاثنين.
أحدهما : بنفسه، والآخر بحرف الجر، ولذلك فسر الزمخشري هذا الموضع بقوله :« واشكروا لي ما أنعمت به عليكم ».
وقال ابن عطية :« واشكروا لي، واشكروني بمعنى واحد ».
و « لي » أفصح وأشهر مع الشّكر، ومعناه : نعمتي وَأَيَادِيَّ، وكذلك إذا قلت شكرتك. فالمعنى شكرت لك صنيعك وذكرته، فحذف المضاف؛ إذ معنى الشكر ذكر اليد، وذكر مُسْدِيها معاً، فما حذف من ذلك، فهو اختصار لدلالة ما بقي على ما حذف.
وأصل الشكر في اللغة : الظهور، فشكر العبد لله - تعالى - ثناؤه عليه بذكر إحسانه، وشكر الله سبحانه للعبد ثناؤه عليه بطاعته له، إلا أن شكر العبد نُطق باللسان، وإقْرَار بالقلب بإنعام الرب.
وقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَكْفُرُونِ ﴾ نهي ولذلك حذفتع منه نون الجماعة، وهذه نون المتكلم، وحذفت الياءح أنها رأس آية إثباتها أحسن في غير القرآن، أي : لا تكفروا نعمتي، فالكفر هنا سَتْر النعمة لا التكذيب.


الصفحة التالية
Icon